[قول بعض الفقهاء بعدم جواز الاجتهاد والرد عليهم]
  أي من الجاهلين للشرائع، وقد قال صلى الله عليه وآله: «لن(١) تجتمع أمتي على ضلالة»، وقال صلى الله عليه وآله: «لا(٢) تزال طائفة من أمتي على الحق ظاهرين»(٣)، ونحو ذلك حتى تواتر معنى وأفاد العلم قطعاً.
  فإن قيل: فعلى هذا يلزم أن كل من لم يكن مجتهداً فهو ضال!
  قلت وبالله التوفيق: إنه إن كان لم يسأل عن أمر دينه فكذلك نقول، وإن كان يسأل فلا نسلم؛ لأن الله سبحانه قد جعل طريق من كان كذلك السؤال حيث قال تعالى: {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ}[النحل: ٤٣] وفي آية أخرى: {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ ٤٣ بالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ}[النحل: ٤٣ - ٤٤].
  فإن قيل: فإن(٤) المقلد كالسائل فلا يلزم ضلال كل الأمة؛ لأن الأعصار وإن خلت من المجتهدين لم تخل من المقلدين.
  قلت وبالله التوفيق: إن سلَّمنا ذلك فقد ذكرنا فيما تقدَّم أن المجتهدين لم يستغرقوا جميع الأحكام في مصنفاتهم، فيلزم الجهل فيما سوى ذلك، وإلا فمقلدوا آحاد العلماء مع الاختلاف على خلاف ذلك، كما سيأتي تحقيقه - إن شاء الله تعالى - في أثناء الجواب.
(١) في (ب): لا، والحديث في مجمع الزوائد (٥/ ٢١٨). انظر: (موسوعة أطراف الحديث النبوي ٦/ ٧١٤)
(٢) في (أ): لن.
(٣) الحديث في كنز العمال برقم (٣٤٥٦٢)، وفي البداية والنهاية لابن كثير (١٠/ ٣٣٧) وفي غيرها بألفاظ متقاربة، انظر: (موسوعة أطراف الحديث النبوي ٧/ ١٠٩).
(٤) في (ب): إن.