مجموع كتب ورسائل الإمام القاسم بن محمد (القسم الأول)،

القاسم بن محمد بن علي (المتوفى: 1029 هـ)

[حكم من رد نصوص من الكتاب والسنة]

صفحة 77 - الجزء 1

  الكهانة ردٌّ لقوله تعالى: {قُلْ لاَ يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ الْغَيْبَ إِلاَّ اللَّهُ}⁣[النمل: ٦٥]، ولأن الله سبحانه يقول في السحر: {وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنزِلَ على الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولاَ إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلاَ تَكْفُرْ}⁣[البقرة: ١٠٢]، ومن السحر التقذية، بدليل أن المقذي لا يستطيع أن يخرج بتقذيته ما كان مشاهداً في مكان ضيق أو بعيد، ومن أراد أن يتحقق صحة ما قلته فليدفن إبرة ولا يخبره بها؛ فإنه لا يستطيع أن يخرجها، أو يسرط⁣(⁣١) برة من بِر ولا يخبره بها ثم يقول: سرطت شيئاً لا تدري ما هو أخرجه لي! فإنه يسحر أعين⁣(⁣٢) الحاضرين بغيرها من نحو حصاة أو ذباب! وقد امتحنت أنا مقذياً كذلك، أخفيت له في أذني حصاة ولم أخبره بها، فأخرج في عطيته كقطعة من شعرة من عرق⁣(⁣٣) حمار، وقال: أدخلت أذنك مسواكاً وهذه شعرة منه قد تغيَّر لونها لطول المدة، فعلمت كذبه وتمويهه، وأخبرته أنه ساحر.

  ومن ذلك مساواة الأنبياء، أو المشائخ⁣(⁣٤) بالله - تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً - في شيء مما يختص به ككثير مما تقدم نحو تشريع شريعة، وكإغراق الفيل في الصفا أو في⁣(⁣٥) التعظيم أو في السجود أو غير ذلك؛ لأن الله سبحانه يقول: {ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ}⁣[الأنعام: ١]، أي يجعلون له عديلاً ومثلاً⁣(⁣٦) - تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً - ويقول سبحانه حاكياً عن الكفار: {إِذْ نُسَوِّيكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ}⁣[الشعراء: ٩٨].


(١) السرط: البلع.

(٢) في (ب): عين.

(٣) في (ب): عرف.

(٤) في (ب): المشائخ أو الأنبياء.

(٥) في (أ): وفي التعظيم.

(٦) في (ب): ومثيلاً.