مجموع كتب ورسائل الإمام القاسم بن محمد (القسم الأول)،

القاسم بن محمد بن علي (المتوفى: 1029 هـ)

[حكم من رد نصوص من الكتاب والسنة]

صفحة 82 - الجزء 1

  القضاة⁣(⁣١) في رواية وأكثر المعتزلة ومن وافقهم: أن حكمهم حكم المرتدين لا يجوز سبي ذراريهم، ولا أخذ أموالهم، وتكون لورثتهم من المسلمين إن لم يكن لهم شوكة ودار ومنعة، فإن كان لهم ذلك، فحكمهم حكم أهل الحرب تحل دماؤهم وأموالهم، ويجوز غزوهم لغير إمام، واحتجوا على أن حكمهم حكم أهل الردة بأن قالوا: إن إظهارهم للشهادتين إسلام واعتقادهم لذلك ردة، وذلك باطل؛ لأن الإسلام لا يكون إلا مع مطابقة القلب اللسان، لقوله تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الآخِرِ وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ}⁣[البقرة: ٨]، وقوله تعالى: {مِنَ الَّذِينَ قَالُوا آمَنَّا بِأَفْوَاهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِنْ قُلُوبُهُمْ}⁣[المائدة: ٤١]، ولما روي أن قوماً من اليهود سألوا النبي صلى الله عليه وآله عن أشياء فلما أخبر بها قبَّلوا يده، وقالوا: نشهد أنك نبي، قال: «فما يمنعكم أن تتبعوني»⁣(⁣٢)؟ قالوا: إن داود دعا أن لا يزال في ذريته نبي، ونحن نخشى إن اتبعناك أن تقتلنا اليهود، فلم يدخلوا بذلك في الإسلام، ولا أجرى عليهم النبي صلى الله عليه وآله حكم المرتدين، ونحن نعلم من حال المجبرة والمشبهة، ومن ظاهرهم⁣(⁣٣) أنهم حال تكلمهم بالشهادتين غير مقلعين عن عقائدهم التي خرجوا بها عن الإسلام، ولو قيل لهم: إنكم عند نطقكم بالشهادتين كنتم خارجين عن عقائدكم لأنكروا أشد الإنكار، فكيف يكون حكمهم حكم المرتدين؟! وقد تقضت العصور ونسلت القرون وهم على ذلك!


(١) هو القاضي عبد الجبار بن أحمد بن عبد الجبار الهمذاني الأسد آبادي، أبو الحسين، قاض، أصولي، كان شيخ المعتزلة في عصره سنة ٤١٥ هـ. (الأعلام ٣/ ٢٧٣).

(٢) الحديث في سنن الترمذي برقم (٢٧٣٣)، وفي زاد المسير لابن الجوزي (٥: ٩٣)، انظر: (موسوعة أطراف الحديث ٥/ ٥٧٨).

(٣) في (ب): ضاهاهم.