[حكم من رد نصوص من الكتاب والسنة]
  وقال أبو القاسم البلخي(١) في رواية ومن وافقه: إن حكمهم حكم أهل الذمة، وذلك هو المحكي عن أبي الحسن الكرخي(٢).
  قال أبو القاسم في هذه الرواية: لأن كفرهم من جهة التأويل وذلك باطل؛ لأن أهل الذمة لم يثبت لهم حكمهم المعروف إلا بعهد، وذلك معلوم من الدين ضرورة، وهؤلاء لم يعقد لهم عهد البتة، ومن يستطيع أن يعقد لهم عهداً وهم أهل السيف والدولة، والقهر، والغلبة، واحتجاجه بأن كفرهم من جملة(٣) التأويل ضعيف مردود؛ لاحتياجه إلى إثبات دليل يوجب كون كفر التأويل موجباً لحكم أهل الذمة؛ لأنه محل النزاع.
  والحجة لنا عليهم أنه قد ثبت كفرهم بالدليل المتقدم ذكره، والمعلوم من دين النبي صلى الله عليه وآله أن حكم دار الكافرين إذا كانت لهم فيها الشوكة، الإباحة من غير تفصيل بين الملل الكفرية، ولا تخصيص، فلو(٤) كان ذلك صحيحاً لورد مفصلاً؛ لأن الله سبحانه لم يترك ذلك هملاً ولا نسياناً ولا جهلاً، - تعالى الله عن ذلك - وقد قال تعالى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ ...}[المائدة: ٣] الآية، ولأنهم مندرجون تحت آية السيف، وهي قوله تعالى: {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ}[الأنفال: ٣٩]، ونحوها فما أوجبته من الحكم ثبت لهم، وإلا كان تخصيصاً من غير تخصيص(٥) وهو باطل.
  وقال الإمام أبو عبدالله الداعي، والإمام الناطق بالحق أبو طالب، وقاضي
(١) هو عبد الله بن أحمد بن محمود الكعبي، من بني كعب، البلخي، الخراساني، أبو القاسم: أحد أئمة المعتزلة، كان رأس طائفة منهم تسمى الكعبية، توفي سنة ٣١٩ هـ. (الأعلام ٤/ ٦٥).
(٢) هو عبد الله بن الحسين بن دلال، أبو الحسن الكرخي، أحد فقهاء الحنفية البارزين، توفي سنة ٣٤٠ هـ.
(٣) في (ب): جهة.
(٤) في (أ): ولو.
(٥) في (ب): مخصص.