باب ما يفسد الصوم
  منعقد على ذلك؛ ولما روي عن النبي ÷ أنه سُئِلَ عن القُبْلَةِ للصائم فقال: «أَفْطَرَا جَمِيْعاً»(١)، وهذا يقتضي وقوعَ الإفطارِ بالقُبلةِ على كل حال، غير أن الإجماعَ منعقدٌعلى أن القبلةَ إذا لم يكنْ معها مني لا تُفْسِدُ الصوم، فبقيت القُبلةُ التي يقارنها إنزالُ المني داخلةً تحت النص. فأما إذا نظر فأمنى فإنه يفسد صومه أيضاً عندنا(٢) قياساًعلى ما إذا أمنى عن تقبيل، والجامع بينهما أنه أمنى عن سبب وقع باختياره فوجب أن يفسد صومه كما إذا أنزل عن تقبيلٍ أو لمس.
  مسألة: (والمسافرُ إذا وَجَبَ عليه القصرُجاز له الإفطارُ، وكذلك يجوزالإفطارُ للمريض، والحامل، والمرضع إذا خافتا على الولد)، ولا خلاف في جواز الإفطار للمسافروالمريض على الجملة؛ وذلك لقوله تعالى: {وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ}[البقرة: ١٨٥]. وأما الحاملُ والمرضع فلا خلافَ في جوازالإفطارلهما. والأصل في ذلك ما روي عن أمير المؤمنين # أنه قال: لما أنزل الله فريضة شهررمضان أتَتِ النبيَّ ÷ امرأةٌ حبلى، فقالت: يارسولَ الله إني امرأةٌ حبلي، وهذا شهرُ رمضانَ مفروضٌ، وهي تخافُ على ما في بطنها إن صامت، فقال لها رسول الله ÷: «انْطَلِقِي فَأَفْطِرِي فَإذَا أَطَقْتِ فَصُومِي». وأتته امرأةٌ تُرضِعُ فقالت: يا رسولَ الله إني امرأة مرضع، وهذا شهرُرمضانَ مفروض، وهي تخاف إن صامت أن ينقطع لبنها فيهلِكَ ولدها، فقال لها: «انطلقي فأَفْطِرِي فإذا أَطَقْتِ فَصُومِي»؛ وأتاه
(١) شرح التجريد ٢/ ١٣٢، وأصول الأحكام، والشفاء ١/ ٦٣٩ والمعجم الكبير ٢٥/ ٣٤ رقم ٥٧، وشرح معاني الآثار ٢/ ٨٨.
(٢) عند الشافعية والحنفية لا يفسد الصيام.