باب ما يفسد الصوم
  صاحبُ العطش، فقال: يا رسول الله، هذا شهرُ رمضانَ مفروضٌ ولا أصبرُعن الماء ساعةً، وهو يخاف على نفسه إن صام، فقال: «انطَلِقْ فَأَفْطِرْفَإِذَا أَطَقْتَ فَصُمْ». وأتاه شَيْخٌ يتوكأُ بين رَجُلَيْنِ، فقال: يا رسولَ الله هذا شهرُ رمضانَ مفروضٌ ولا أطيقُ الصيامَ، فقال: «اذْهَبْ فَأَطْعِمْ عَنْ كُلِّ يَوْمٍ نِصْفَ صَاعٍ لِلْمَسَاكِينِ»، ثم أمرهم بعد ذلك أن يصوموا اليومَ والاثنين، وأن يُفْطِرُوا اليومَ والاثنين(١).
  مسألة: (والحائضُ والنفساءُ لا يصح صومهما)، ولا خلاف بين المسلمين في ذلك، وقال محمد بن منصور في جامعة(٢): أجمع علماء أمة محمد ÷ أن الحائضَ والنفساء في شهرِ رمضانَ مُفْطِرَةٌ، أكلت أم لم تأكل، وعليها القضاء(٣).
  مسألة: (وعلى كل واحد من هؤلاء قضاءُ ما أَفَطَرَإذا زال عذرُهُ). أما وجوب القضاء على المسافر والمريض إذا أفطرا فلقوله تعالى: {فَمَن كَانَ
(١) المسند ص ٢٠٧، والأمالي ١/ ١٦٨، وشرح التجريد ٢/ ١٢٥، وأصول الأحكام، والاعتصام ٢/ ٣٣٥، والشفاء ١/ ٦٤٨.
(٢) محمد بن منصور بن يزيد المرادي، أحد الأعلام المعتمَّرين، ولد ونشأ بالكوفة، إمام، حافظ، محدث، مسند، من مشاهير رجال الزيدية في العراق، عُرِف | بمواقفه الصلبة الشجاعة في نصرة أهل البيت $ والذب عنهم وتأييد الثائرين منهم، تتلمذ على أيدي أئمة أهل البيت، كما تخرج عليه جماعة منهم، وصحب الإمام القاسم بن إبراهيم الرسي ٢٥ سنة، وحج مع الإمام أحمد بن عيسي (ع) نيفاً وعشرين حجة، وكانت له مع الأئمة مواقف مشرفة فقد اجتمعوا بمنزله سنة ٢٢٠ هـ. و بايعوا الإمام القاسم بن إبراهيم، عاش مستتراً بعيداً عن الأضواء، عاكفاً على نشر العلم وسماع الحديث والتأليف، فخلَّف تراثاً فكرياً زاخراً. مؤلفاته كتاب أمالي أحمد بن عيسى، وكتاب الذكر مطبوع بمركز بدر العلمي، وكتاب المناهي (خ)، وكتاب المجموع، وغيرها. تعمر طويلاً قرابة قرن ونصف من الزمان، ووفاته ما بين سنتي (٢٩٠ - ٣٠٠). انظر مقدمة كتاب الذكر، وأعلام المؤلفين الزيدية ص ١٠٠.
(٣) ١/ ٦٤٦ رقم ١٠٦٢.