شرح نكت العبادات،

جعفر بن أحمد بن عبد السلام (المتوفى: 573 هـ)

باب المهور

صفحة 159 - الجزء 1

  فَإِنْ كَانَ دَخَلَ بِهَا فَلَهَا الْمَهْرُبِمَا أَصَابَ مِنْهَا»؛ فاقتضى ذلك وجوبَ المهرِلأجل دخوله بها في النكاح الفاسد، فثبوته في النكاح الصحيح الذي فسدت التسميةُ فيه أو عدمت أولى، ولا خلاف في أنه إذا دخل بها ولم يكن فَرَضَ لها مهراً مسمى يجب لها مهرُ المثل، والتسمية الفاسدة تجري مجرى عدم التسمية، فلزم في ذلك كُلُّهُ مهر المثل، وكذلك الغلطُ في الزفاف يَجِبُ لها عليه إذا وطئها مهرُ مثلها؛ لأنه لاحِقٌ بقوله ÷: «فَلَهَا الْمَهْرُبِمَا أَصَابَ مِنْهَا». ولأنه جارٍمجرى قيمة البضع، فلزم، كَقِيَمِ الْمُتْلَفَاتِ وأُرُوشِ الجنايات. وإنما يجب اعتبار مهر مثلها من نسائها من قِبَلِ أبيها؛ لأن نسبها إلى أبيها آكدُ من نسبها إلى أمِّها؛ ولهذا تَشْرُفُ بشرفه وتدنو بدناءته؛ ولهذا فإن من يكون أبوه هاشمياً وأمُّهُ حبشيّة؛ فإنه يكون هاشمياً، لا حبشيًّا، فكان اعتبارها بأمثالها من قبل أبيها أولى، وإنما اعتبرنا المشابهاتِ لها؛ لأن أحوالَ المهورِ تختلف بحسب اختلاف النساء في الجمال وغيرِه.

  مسألة: (وإذا سمَّى لها أقلَّ من عشرة دراهمَ ثم دخل بها وَجَبَ أن يوفيَها عشرةَ دراهمَ)؛ وذلك لما ثبت من قولِهِ ÷: «لا يَكُونُ الْمَهْرُأَقَلَّ من عَشَرَةِ دَرَاهِمَ»؛ فإذا كانت أقلَّ المهورِ وَجَبَ أن لا يتبعض في عقد النكاح، وأن يكون تسمية بعضها كتسمية جميعها، كالطلاقِ والعَتَاق والعفو عن دم العمد.

  مسألة: (ويجب على الرجل تسليمُ المهر متي طالبته الزوجة وهو قادرٌ عليه، وعليها تسليم نفسها)؛ وإنما وَجَبَ على الرجل ذلك؛ لأن المهرَحقٌ لها، فمتى طالبتْه لزمه تسليمه، كسائر الديون التي يجب قضاؤُها، وقد قال الله تعالى: {وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً}⁣[النساء: ٤]، وقال ÷: «مَطْلُ الغَنِيِّ