باب المهور
  ظُلْمٌ»(١). وإنما وَجَبَ عليها تسليم نفسها؛ لأن الوطءَ حقُّه، فلا يجوز لها منعُه منه.
  مسألة: (وإذا خَلاَ مَعَها وتمكن من وطئها، وجب لها كمالُ المهر، سواءٌ وطئها أم لا، إذا كانت تصلح للوطء ولم يكن هناك مانعٌ)؛ وذلك لما رُوِيَ عن النبي ÷ أنه قال: «مَنْ كَشَفَ خِمَارَ امْرَأَةٍ ونَظَرَ إِليْهَا وَجَبَ الصِّدَاقُ: دَخَلَ بِها أَوْ لَمْ يَدْخُلْ»(٢). وعنه ÷ أنه قال: «مَنْ كَشَفَ عَوْرَةَ امْرَأَةٍ فَقَدْ وَجَبَ صَدَاقُهَا»(٣). قلنا: إذا كانت تصلح للوطءِ ولم يكن هناك مانعٌ؛ لأنها إذا كانت صغيرةً لا تصلح للوطء، أو مريضةً أو معيبةً بأحدِ العيوبِ الأربعةِ، أو كانت حائضاً، أو مُحْرِمَةً، أو صائمةً - لم تكنِ الخلوةُ مع ذلك موجبةً لكمال المهر؛ لأن الموجِبَ للمهر هو تسليم النفسِ على ما يقتضيه العقدُ، وهو تسليمها خالصةً عما يمنع من المقصود بالعقد، فإذا لم يحصل ذلك لم يصحَّ التسليمُ.
  مسألة: (وإذا طلقها قبل الدخول بها فلها نصفُ مهرها الذي سماه، فإن لم يكن سمَّي لها مهراً كان لها المتعة على قدرِ يَسَارِ الزوج وإعساره. والأقرب في ذلك أن يكون لها كسوةُ مِثلها من مِثلِه، أو نحو ذلك). والأصل في ذلك قول الله تعالى: {وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ}[البقرة: ٢٣٧]، فأوجب لها سبحانه نصفَ المهر المسمى إذا طلَّقَها قبل الدخول، وقولُه تعالى: {لَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ مَا لَمْ
(١) شرح التجريد ٦/ ١٦٣، والشفاء ٢/ ٢٦٤، والاعتصام ٤/ ٤٩٩، والبخاري رقم ٢٢٧٠، ومسلم رقم ١٥٦٤، والترمذي رقم ١٣٠٨.
(٢) شرح التجريد ٣/ ٨٨، والشفاء ٢/ ٢٢٢، والبيهقي ٧/ ٢٥٦، والدار قطني ٣/ ٣٠٧.
(٣) شرح التجريد ٣/ ٨٨، والشفاء ٢/ ٢٢٢، والبيهقي ٧/ ٢٥٦.