باب في النفقة
  تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ}[البقرة: ٢٣٦]، فأوجب سبحانه الْمُتعةَ للمطلقة قبل الدخول والتسمية، وجعلها على قدر اليسار والإعسار. ووجه تقدير ذلك بالكسوة أنها الوسط مما قيل في ذلك، وإن كان موكولاً إلى اجتهاد الحاكم في كل وقتٍ، فما رآه أمضاه.
بابٌ في النفقةِ
  مسألة: (والنفقة ضربان: أحدهما: تجب بسبب. والثاني: برحم. فالسببُ قسمان: أحدهما: النكاح، والثاني: الملك. فالنفقة الواجبة بالنكاح: هي نفقة الزوجة على زوجها: في طعامِها ومؤنتِها و كسوتهما وسُكنَاها، على قدريَساره وإعساره. فإن كانت لا تخدمُ نفسها أخدمها من يقوم بها). ولا خلاف في وجوب نفقة الزوجة على الجملة، وقد قال الله تعالى: {لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا}[الطلاق: ٧]، وَرُوِيَ عن النبي ÷ أنه خطب وقال: «اسْتَوْصُوْا بِالنِّسَآءِ خَيْراً» إِلَى أَنْ قَالَ: «وَلَهُنَّ عَلَيْكُمْ نَفَقَتُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ»(١). وكذلك قولُه تعالى: {أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ}[الطلاق: ٦] يدل على وجوب السُكْنَى. قلنا: وإذا كانت لا تخدم نفسَها أخدمها من يقوم بها؛ لقول الله تعالى: {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ}[النساء: ١٩]، وليس من المعاشرة بالمعروف أن تُكَلَّفَ الخدمةَ وهي لا تعتادُها.
(١) الشفاء ١/ ٣٦٧، وشرح التجريد ٣/ ١٩٩، وأصول الأحكام، والاعتصام ٣/ ٣٨٤، والترميذي رقم ١١٦٣، وابن ماجه رقم ١٨٥١، ومسلم رقم ١٢١٨.