شرح نكت العبادات،

جعفر بن أحمد بن عبد السلام (المتوفى: 573 هـ)

باب المياه

صفحة 26 - الجزء 1

باب المياه

  مسألة: (الماء ضربان: قليلٌ وكثير: فالكثير ما لا يغلب على الظن أن النجاسة مستعملة باستعماله؛ كالبئار النابعة، والأنهار الجارية، والبِرَكِ الواسعة، ولا يُنَجِّسُهُ إلا ما غير لونه، أو ريحه، أو طعمه) والدليل على ذلك ما روي عن النبي ÷ أنه قال: «خُلِقَ الماءُ طَهُوراً لا يُنَجَّسُهُ شَيْءٌ إلا ما غَيَّر لَونَه، أَوْ رِيحَهُ، أَوْ طَعْمَهُ»⁣(⁣١). وعنه أيضاً ÷ أنه قال: «إِنَّ الماءَ لا يُنَتجِّسهُ شَيْءٌ»⁣(⁣٢)؛ وذلك يعمُّ كلَّ ماء؛ إلا أنَّا خصصنا ما يغير لونه، أو ريحه، أو طعمه؛ لأنه قد زال عنه اسمُ الماء المطلق، وخصصنا الماء القليل مما يأتي بيانه.

  مسألة: (والقليل هو ما دون ذلك وهو ما يغلب على الظن أن النجاسة تُسْتَعْمَلُ باستعماله. وينجسه كلُّ ما لاقاه من النجاسة سواءٌ غيَّره أو لم يغيره)، والدليل عليه ما روي عن النبي ÷ أنه قال: «إذا استَيْقَظَ أَحَدُكم مِنْ نَوْمِهِ فَلاَ يَغْمِسْ يَدَهُ في الإِنَاءِ حَتَّى يَغْسِلَها ثَلاثاً»⁣(⁣٣)؛ فلو لم يكن الماءُ القليلُ يَنْجُسُ بوقوع النجاسة القليلة فيه لم يكن لهذا القولِ وجه؛ لأن المعلوم أن الذي يكون على اليد من النجاسة لا يغير ماء الإناء.


(١) الشفاء ١/ ١٤٤، والاعتصام ١/ ١٩٠ بلفظ: «إن الماء لا ينجسه شيء إلا ما غلبه على ريحه أو طعمه أو لونه» وسنن الترمذي رقم ٦٦، وابن ماجه رقم ٥٢٠، وأبو داود رقم ٦٦، والبيهقي ١/ ٤، والدار قطني ١/ ٢٩.

(٢) المسند ص ٨٥، وشرح التجريد ١/ ١٠، وأصول الأحكام، والاعتصام ١/ ١٩٢، والنسائي ١/ ١٧٣، وابن ماجه رقم ٥٢٠، والبيهقي ١/ ٢٥٨، والترمذي رقم ٦٦.

(٣) شرح التجريد ١/ ١٩، وأصول الأحكام، ومجمع الزوائد ١/ ٢٢٠، وأبو داوود رقم ١٠٣، ومسلم رقم ٢٧٨، والنسائي رقم ١.