باب القول في الطلاق
  مسألة: (وللزوج أن يراجع امرأته ما دامت في العِدَّةِ إذا لم يكن طلاقاً بائناً)؛ لقوله تعالى: {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ وَلَا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ إِنْ كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ إِنْ أَرَادُوا إِصْلَاحًا وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ}[البقرة: ٢٢٨]، والمراد بقوله تعالى: {وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ} الرِّجعةُ في زمان العدَّة، وله الرجعة ما لم تغتسل من الحيضة الثالثة، أو يمضي عليها الوقت الذي يلزمها فيه الاغتسال فلا تغتسل؛ وذلك لما رُوِيَ عن أمير المؤمنين #، أنه قال: «الرَّجُلُ أحقُ برجعَة امرأتِه مَا لم تَغْتَسل من آخِرِ حَيْضَةٍ»(١).
  مسألة: (والبائنُ(٢) يكونُ بثلاثةِ أوجُهٍ أحدها: الطلاقُ قبل الدخول)؛ لأنه لا عدة عليها فلا تَصِحُّ الرِّجعة في غير عدة، قال الله سبحانه: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا}[الأحزاب: ٤٩]. (والثاني: طلاقُ المخالعة). أما أنّ الخلعَ طلاقٌ؛ فلما رُوِيَ عن سعيدِ بن المسيِّب أنه قال: جَعَلَ رسولُ الله ÷ الخلعَ تطليقةً واحدة(٣). وأما أنه بائن؛ فلما روي عن أمير المؤمنين # أنه قال: «إذا قَبِلَ الرجلُ من امرأته فديةً فقد بانت منه بتطليقة»(٤). (والثالث:
(١) المسند ص ٣٢١، وشرح التجريد ٣/ ١٦٢، والاعتصام ٣/ ٣٥٤، والبيهقي ٧/ ٤١٧ عن عثمان بن عفان.
(٢) الطلاق عندنا لا يتبع الطلاق ما لم تتخل الرجعة وإذا قال الزوج لامرأته: أنت طالق ثلاثا فلا تطلق إلا تطليقة واحدة، ورأت الشافعية أن الطلاق يتبع الطلاق وأن الطلاق يكون بائنا إذا قال الرجل لزوجته: أنت طالق ثلاثاً.
(٣) شرح التجريد ٣/ ١٣١، والشفاء ٢/ ٣٠٠، ومصنف عبدالرزاق ٦/ ٤٨٢، والبيهقي ٧/ ٣١٦ عن ابن عباس، والدار قطني ٤/ ٤٥.
(٤) المسند ص ٣٢٨، وأصول الأحكام، وشرح التجريد ٣/ ١٣٣، و الشفاء ٢/ ٣٠٠.