شرح نكت العبادات،

جعفر بن أحمد بن عبد السلام (المتوفى: 573 هـ)

باب القول في الطلاق

صفحة 169 - الجزء 1

  بالزوج الثاني، ولم يفصل بين أن تكون المرأة قد تزوجت بين التطليقتين زوجاً آخرَأو لم تتزوج؛ فدل ذلك على أن حكم التطليقات الثلاث يثبت وإن تزوجها زوج آخر بين كل تطليقتين؛ وذلك يقتضي أن الزوج الثانيَ لا يهدم ما دون الثلاث؛ ولأن الزوج الثاني إنما يرفع التحريمَ الحاصلَ بالتطليقة الثالثة، فلم يكن التحريمُ قبلها حاصلاً يرفعُهُ الزوجُ الثاني؛ لأن نكاحَ المرأة كان مباحاً لزوجها الأول قبل التطليقة الثالثة فلا يهدم نكاحُه ما تقدم من الطلاق.

  مسألة: (والأحرارُ والمماليكُ سواءٌ في أحكام الطلاق)؛ وذلك لأن الآياتِ الواردة في بيان الطلاق وأحكامه مِنْ قوله تعالى: {الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ}⁣[البقرة: ٢٢٩] إلى آخرها وغيرها لم تفصل بين حُرِّوعبد، ولا بين حرةٍ وأمةٍ؛ فكان الجميعُ في ذلك سواء.

  مسألة: (ومن أوقع الطلاقَ مطلقاً وقع في الحال، ومن علَّقه بشرطٍ أو وقتٍ وقع عند حصول الشرط أو الوقت). أما وقوعُ المطْلَقِ في الحال فقد تقدم بيانُه؛ حيث بيّنا أنه ينقسمُ إلى طلاقِ سنّة، وطلاقِ بِدعة، وأن الكلَّ واقعٌ. وأما وقوع المشروطِ والمؤقتِ عند حصول الشرط وحضورِ الوقت فقد دلَّ عليه قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ}⁣[المائدة: ١]، وهذا قد عقد الطلاق معلقاً بهذا الشرط أو الوقت فلزمه الوفاء به، وقد رُوِيَ عن أمير المؤمنين # أنه قال: «مَنْ حَلَفَ بِطَلاقِ امرأتِه ثم حَنِثَ ناسياً لَزِمَهُ الطَّلاقُ»⁣(⁣١).

  مسألة: (ويتوارثُ الزوجان إذا كان الطلاق رجعياً، ولا يتوارثان إذا كان الطلاق بائناً): أما التوارث في الطلاق الرجعي فلا خلاف فيه، وقد رُويَ عن أمير


(١) شرح التجريد ٣/ ١٥٩، وأصول الأحكام، والشفاء ٢/ ٣٠٤.