باب القول في العدة
  ذَلِكَ}[البقرة: ٢٢٨]، ولم يخص قولاً من فعل. وأما صحتها من دون شهادة؛ فلأن كل ما دل على ثبوت الرجعة من قوله تعالى: {وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ}، ومن قوله ÷ لعُمَرَ: «مُرْهُ فَلْيُرَاجِعْهَا»، ليس فيه اشتراط شهادة؛ فصحت الرجعة بدونها.
  مسألة: (ومن وطيء امرأة وهي في عدة من غيره لشبهة كان عليها أن تستبراءَ رحمها من ماء الثاني بثلاث حِيَضٍ، وإن كانت قد حَمَلَتْ من الثاني فاستبراؤُها بوضع ما في بطنها، ثم تبني على ما مضى من عدة الأول، وللأول أن يراجِعَها إذا كان يملك مراجعتها ما دامت في العدة، وإن كان لا يملك الرجعة فله أن يعقد عليها نكاحاً جديداً، ما لم يكن طلَّقها ثلاثاً)، وقد مضى الكلام في أن نكاح المعتدة باطلٌ بالإجماع، فإذا وطئها الثاني فعليها الاستبراء من مائه بثلاث حيض؛ وذلك لما روي عن أمير المؤمنين #(١)؛ وَوَجْهُ ذلك أن العدة إنما شُرِعَت لاستبراء الرحم فوجب أن يكونَ بثلاثةِ أقراء كما في عدة المطلقة من ذوات الْحَيْضِ. قلنا: وإن كانت قد حملت فاستبراؤُها بوضع ما في بطنها؛ لأن بوضعها لذلك يحصل براءة رحمها. قلنا: وتبني على ما مضى من عدة الأول ولا تتداخل العدتان؛ لأن كلَّ واحد منهما حق على انفراده من حقوق بني آدم، ويُمكِنُ إيفاؤه على الكمال، فإذا اجتمعا لم يتداخلا كسائر الحقوق من الديون وغيرها. قلنا: وللأول أن يراجِعَها إذا كان يملك مراجعَتها ما دامت في العدة؛ لقوله تعالى: {وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ}[البقرة: ٢٢٨]. قلنا: وإذا كان لا يملك الرجعةَ فله أن يَعقِدَ عليها نكاحاً جديداً؛ لأنه لا مانع
(١) البيهقي ٧/ ٤٤١.