باب القول في الفراش ولحوق الولد بصاحبه
  مدةَ الحمل والفصال جميعا يكون ثلاثين شهراً، وَحَكَمَ بأن الرضاع من ذلك جميعاً يكون حولين كاملين؛ فبقي مدة الحمل ستة أشهر. قلنا: وكذلك يلحق به الولد بعد الفراق إلى نهاية أكثر الحمل وهو أربعُ سنين(١) ما لم تَدَّعِ المرأة انقضاء عدتها قبل ذلك؛ وذلك لأن الفراش ثابت، فلا يزول إلا بما يوجب زواله، فما لم تدع انقضاء العدة لحق به الولد؛ لقوله ÷: «الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ». والدليل على أن أكثر الحمل أربع سنين قوله تعالى: {اللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَحْمِلُ كُلُّ أُنْثَى وَمَا تَغِيضُ الْأَرْحَامُ وَمَا تَزْدَادُ وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدَارٍ}[الرعد: ٨]، فأخبر سبحانه أن الأرحام تغيض، وهو النقصان، وتزداد، ولم يبين لذلك قدراً محدوداً، فصار الكثير من المدة في ذلك والقليل سواء إلا ما خصه الدليل، وقد أخرج الدليل ما فوق أربع سنين؛ لأن الإجماع منعقدٌ على أنه لا يكون مدةُ الحمل أكثرَ من ذلك، ولا دليل يمنع من بلوغ الأربع السنين.
  مسألة: (والثالث: أن يثبت الفراش بشبهة نكاح، ويقع الوطء مع الجهل بالتحريم، نحو نكاح الْمُعْتَدَّةِ، أو الخامسةِ، أو زوجةِ المفقودِ).
  مسألة: (والرابع: ما يثبت بالوطء عن شبهة، نحو أن تزف إلى الرجل امرأةٌ غيرُ زوجته على وجه الغلط فيطأها، فمتى حصل الولد في هذين الوجهين بعد الوطء ومُضِيِّ ستة أشهر فما فوقها من وقت الوطء لَحِقَ النسبُ بالواطئ)؛ وذلك لأن الوطء وقع في هذين الوجهين على وجه لا يُستحق به الحد؛ فثبت به حكم الفراش، ودخل تحت قوله: «الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ». وإنما لم يقم في هذين الوجهين إمكان الوطء مقام الوطء؛ لأنه ليس فيهما عقد يصح على
(١) عند الحنفية سنتان.