شرح نكت العبادات،

جعفر بن أحمد بن عبد السلام (المتوفى: 573 هـ)

باب القول في اللعان

صفحة 188 - الجزء 1

  كانا صغيرين لم يصح بينهما لعانٌ؛ لأنه أقيم مقام الحد؛ ولهذا يسقط به الحد، ومن امتنع منهما عنه لزمه الحد، وهما ممن لا يستحق الحد، فلم يكونا ممن يصح لعانه.

  فصل: ويجب أن يكونا مع بلوغهما عَاقِلَينِ؛ لأن المجنونين لا لعان بينهما؛ لأنهما ممن لا يقام عليه الحد أيضاً، وكذلك إذا كان أحدهما صغيراً أيضاً؛ لمثل ما تقدم. ولا يظهر خلاف في الصغيرين والمجنونين، ويجب أن يكونا مسلمين أيضاً؛ لأنهما لو كانا كافرين لم يصح بينهما لعان؛ لما روي عن النبي ÷ أنه قال: «لاَ لِعَانَ بَيْنَ أَهْلِ الكُفْرِ وَأَهْلِ الإِسْلاَمِ»⁣(⁣١)؛ وهذا يقتضي أن أحدَهما لو كان كافراً، لم يصح لعانهما. قلنا: وكانت الزوجَةُ حرةً، وسواء كان الزوجُ حرًّا أو مملوكاً؛ وذلك لأنهما ممن تناولته الآية فصح اللعانُ بينهما؛ لأن الحرةَ من يستحق قاذفُها الحدَّ، فصح لعانها بخلاف المملوكة؛ لأنها ممن لا يستحق قاذفها الحد.

  مسألة: (وصورة الملاعنة أن يُحْضِرهُمَا الحاكمُ، ويخوفهما بالله تعالى، ويحذرهما الإقدام على اللعان، فإن نكل الزوج ضُرِبَ ثمانين جلدة، وهي حدُّ القاذف، وإن نكلت الزوجة جلدت ورجمت، وإن أصرا على ما هما فيه حلف الزوجُ أربع مرات بالله، يقول في كل واحدة: والله العظيم إني لصادق في ما رميتها به من قذفي لها، ونَفْيِ ولدها هذا، ويشير إلى الولد إن كان هناك ولد، ثم يقول في الخامسة: لَعْنَةُ الله عليَّ إن كنتُ من الكاذبين فيما قذفتكِ به من الزنى ونفي الولد. ثم تقول المرأة: والله العظيم إنه لمن الكاذبين في ما رماني


(١) شرح التجريد ٣/ ١٨٨، والشفاء ٢/ ٣٥٦، وأصول الأحكام، والاعتصام ٣/ ٣٧٢، ومعناه في البيهقي ٧/ ٣٩٥.