شرح نكت العبادات،

جعفر بن أحمد بن عبد السلام (المتوفى: 573 هـ)

باب القول في البيوع

صفحة 193 - الجزء 1

  والموزونة مقيسة عليها؛ لمشاركتها لها في علة الربي: وهي الكيل مع الجنس، والوزن مع الجنس؛ فثبت الحكم فيها. ويحرم بيع كل جنس منها ما هو من جنسه، إلا سواءً يداً بيد.

  مسألة: (وثانيها: بيع المكيل بمكيل من غير جنسه، أو الموزون بموزون من غير جنسه نَساً. فإن كان يداً بيد جاز فيه التفاضل، كالبُر بالشعير، والنحاس بالحديد، وما أشبه ذلك، سوى الذهب والفضة من جملة الموزونات؛ فإنه يجوز بيع سائر الموزونات بهما نقداً ونسيئة، وكذا إذا اتفق الشيئان في الجنس ولم يكونا مكيالين ولا موزونين جاز التفاضل وحرم النَّسا⁣(⁣١)، كبيع رمانة برمانتين، وثوب بثوبين، وشاة بشاتين وما أشبه ذلك). والأصل في هذا ما روي عن النبي ÷ أنه قال: «إِذَا اختَلَفَ الْجِنْسُ فَبِيْعُوا كَيْفَ شِئْتُمْ يَداً بِيَدٍ»⁣(⁣٢). وفي بعض الأخبار: «فَبِيعُوا الحِنْطَةَ بِالشَّعِيْرِ كَيْفَ شِئْتُمْ يَداً بِيَدٍ»⁣(⁣٣). فأجاز ÷ التفاضلَ في ذلك وشَرَطَ أن يكون يداً بيد وذلك يقتضي تحريمَ النسيئةِ. قلنا: سوى الذهب والفضة؛ لأن الإجماعَ واقعٌ على أنه يجوز بيع سائر الموزونات بهما نقداً أو نسيئةً. قلنا: وكذلك إذا اتفق الشيئان في الجنس ولم يكونا مكيلين ولا موزونين جاز التفاضلُ وحرم النسا؛ وذلك لما روي عن النبي ÷ أنه قيل له: أنبيع الفرس بالأفراس، والنجيبة [الناقة] بالإبل؟


(١) وهو قول الحنفية، وقال الشافعي لا يحرم.

(٢) شرح التجريد ٤/ ٤٩، وأصول الأحكام، والشفاء ٢/ ٤٥٩، ومسلم رقم ١٥٨٧، وأبو داود رقم ٣٣٥٠، والبيهقي ٥/ ٢٧٧.

(٣) شرح التجريد ٤/ ٤٩، وأصول الأحكام، والشفاء ٢/ ٤٢٩، والاعتصام ٤/ ٦٧، وشرح معاني الآثار ٤/ ٤.