باب القول في البيوع
  كون ذلك غرراً فاسداً، وقد روي عن أبي العباس الحسني | أنه جعل بيع الآبق في حكم الموقوف، فإن ظفر به تم البيع، وإن لم يظفر به انفسخ، والأول أظهر(١). أما الشرطان في البيع فقيل: هو أن يبيع سلعةً على أنها بكذا نقداً وبكذا نسيئة. وقيل: بل هو إن يبيع منه بكذا ديناراً على أن يدفع بالدنانير كذا قَفِيْزاً من الطعام(٢)، وهو محتمل لهما، وموجب لفساد العقد لجهالة الثمن.
  وأما السلف والبيع فقيل في معناه: هو أن يُسْلِمَ في شيء ثم يَبيعه قبل أن يقبضه. وقيل: هو أن يبيعه ثوباً بدينار ثم يُسْلِمَ الدينار إليه قبل قبضه في شيء آخر، فلا يجوز؛ لأنه يكون نوعاً من الكالي بالكالي، وهو الدين بالدين. وأما بيع ما ليس عندك فهو بيع ما لم يكن موجوداً حالة العقد، سوى السَلَمِ فإنه مرخصٌ فيه. وأما ربح ما لم يضمن فعلي وجهين: أحدهما: مالم يضمن بالقبض، وهو داخل في بيع ما لم يقبض، والثاني: ما لم يضمن بالملك، نحو السارق إذا باع ما سرقه ثم ربح فيه، فإنه يلزمه التصدق به، وكذلك ما جرى مجراه. وأما بيع ما لم يقبض: فهو أن يبيع المشتري ما اشتراه قبل أن يقبضه من البائع، فلا يجوز بيعه. وأما بيع الملامسة، والمنابذة، وطرح الحصاة، فقيل: هو بيوع الجاهلية كانت إذا تساومت في شيء ثم لمسه المشتري، أو نبذ إليه، أو طرح عليه حصاة لزمه البيع.
= وابن ماجة رقم ٢١٨٨، والبيهقي ٥/ ٣١٢، ٣٣٦، والدار قطني ٣/ ٧٤، وشرح معاني الآثار ٤/ ٣٩، و نصب الراية ٤/ ١٤، ٣٢، وفتح الباري ٣/ ٣٥٩ بألفاظ متفرقة.
(١) المراد بذلك أن العقد لا ينبرم ولا يستقر بحيث يجوز التصرف فيه ببيع ونحوه ويكون له الخيار فيه بين فسخ العقد وبين الرضا به إلي وقت التمكن قال: وإن باع الآبق ممن أبق إليه فالبيع جائز منبرم. التحرير ٢/ ٣٣٥ عن أبي العباس.
(٢) القفيز: مكيال وهو ثمانية مكاكيك، والمكوك يسع صاعاً ونصفاً، أو نصف رِطلٍ إلى ثمان أواقي. القاموس ص ٦٧٠، ١٢٣١.