شرح نكت العبادات،

جعفر بن أحمد بن عبد السلام (المتوفى: 573 هـ)

باب القول في البيوع

صفحة 198 - الجزء 1

  مسألة: (والجهالة على ثلاثة أوجه أيضاً: أحدها: جهالة العقد، نحو أن يكون فيه الخيار إلى أمد غير معلوم، أو لإنسان غير معلوم؛ لأن استقرار العقد مع ذلك يكون مجهولاً، فإن كان الخيار إلى أمد معلوم، أو لرجل معلوم جاز). أما إذا دخلت الجهالة في الخيار فإنه مفسد للبيع بلا خلاف، وقد روي عن أمير المؤمنين # أنه قال: لا يجوز البيع إلى أجل لا يُعرف. وأما إذا كان الخيار معلوماً فإنه يجوز؛ لما روي أن رجلاً أتى النبي ÷ فقال: يا رسول الله، أني أُخدع في البيع والشراء؛ فجعله فيما باع أو اشترى بالخيار ثلاثاً، فأجاز النبي ÷ البيعَ مع الخيار الثلاث⁣(⁣١)، فجاز مع الخيار فيما زاد عليها إذا كان معلوماً؛ بعلةِ أنه بيعٌ وقع على خيار معلوم؛ فصح كما لو كان ثلاثاً.

  مسألة: (وثانيها: جهالة المبيع نحو أن يعقد البيع على بعض ما يملكه من العبيد، أو من الدور، أو من الأراضي، من غير تعريف بشيء من ذلك). والأظهر أنه إجماع؛ وذلك لأن جهالةَ المعقود عليه تمنع من استقرارالعقد على شيء يمكن تسليمه والمطالبة به، وعن أمير المؤمنين # أن رجلين اختصما إليه فقال أحدهما: بعت هذا قواصر، واستثنيت خمس قواصر لم أعلمهن، ولي الخيار، فقال علي #: بيعكما فاسد⁣(⁣٢). وإنما قضى # بفساده على ذلك؛ لما تضمنه من الجهالة.

  مسألة: (وثالثها: جهالة الثمن، نحو أن يجعل الثمنَ ما يجده من الدنانيرِ والدراهمِ وما جرى هذا المجرى)، والأظهر أيضاً أنه إجماع؛ وذلك لأن


(١) شرح التجريد ٤/ ٧٣، والشفاء ٢/ ٤٤٢، والبخاري رقم ٢٠١١ بلفظ: أن رجلاً ذكر للنبي ÷ أنه يخدع في البيوع، فقال: «إذا بايعت فقل: لا خِلاَبةَ»، ومثله في صحيح مسلم رقم ١٥٣٣، وسنن أبي داود رقم ٣٥٠٠.

(٢) المسند ص ٢٦٩، والشفاء ٢/ ٤١٧، والاعتصام ٤/ ٤٢.