باب القول في البيوع
  الجهالة في الثمن تمنع من استقرارالعقد على شيء يمكن تسليمه والمطالبة به، فأوجب فسادَه كما ثبت مثله في جهالة المبيع؛ ولأنه أحد البدلين، فجهالته تقتضي فساد العقد كجهالة البدل الآخر.
  مسألة: (وأما الضرب الثاني: وهو ما يرجع إلى المعقود عليه، فهو ثلاثة أنواع أيضاً: أحدها: أن يكونَ المبيعُ مما لا يصح تملكه، كالحر المسلم، والميتة، والعذرة، و كالخمر، والخنزير في حق المسلمين، والكلب. قال القاسم #: إلا أن يكون منتفعاً به في زرع أو ضرع(١)). أما بيع الحر فلا يجوز، والأظهر أنه إجماع، وقد قال ÷: «إِنِّي مُخَاصِمٌ مِنْ أُمَّتِي ثَلاثَةً يَوم القِيَامَةِ، وَمَنْ خَاصَمْتُه: رَجٌلاً بَاعَ حُراًّ وأَكَلَ ثَمَنَهُ، وَمَنِ اخْتَفَرَ ذِمَّتِي، وَمَنْ أَكَلَ الرِّبَى أَو أَطْعَمَهُ»(٢). وأما الميتة والعَذِرَةُ فلا يجوز بيعهما، وكذلك الخمر والخنزير في حق المسلمين، والأظهر أنه إجماع، وقد قال الله سبحانه وتعالى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ}[المائدة: ٣]. وعن أمير المؤمنين # أنه قال: نهى رسول الله ÷ عن بيع الخمر والخنازير والعذرة، وقال: هي ميتة، وكذلك عن أكل ثمن شيء من ذلك(٣). وإنما قلنا: يحرم بيع الخمروالخنزير في حق المسلمين؛ لأن أهل الكتاب من اليهود والنصارى ممن يجوز لهم في ذلك البيعُ والشراءُ على ما صولحوا عليه. وأما
(١) شرح التجريد ٤/ ٣٦، والشفاء ٣/ ٤٠٦.
(٢) المسند ص ٢٥٦، والبخاري رقم ٢١١٤ بلفظ: «قال الله: ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة: رجل أُعطى بي ثم غدر، ورجل باع حراً فأكل ثمنه، ورجل استأجر أجيراً فاستوفي منه ولم يعطِ أجره»، ومثله ابن ماجه رقم ٢٤٤٢، والبيهقي ٦/ ١٤.
(٣) المسند ص ٢٦٠، والبخاري رقم ٢١٢١ بلفظ: «إن الله ورسوله حرم بيع الخمر والميتة والخنازير والأصنام».