شرح نكت العبادات،

جعفر بن أحمد بن عبد السلام (المتوفى: 573 هـ)

باب القول في البيوع

صفحة 200 - الجزء 1

  الكلب فمذهب الهادي # يقتضي المنع من جواز بيعه⁣(⁣١)؛ ووجه ذلك ما روي عن النبي ÷ أنه قال: «ثَمَنُ الكَلْبِ حَرَامٌ»⁣(⁣٢)؛ ولأنه نجس الذات، فلم يجز بيعه كالميتة. وعنه ÷ أنه نهى عن ثمن الكلب وإن كان ضارياً⁣(⁣٣)، وما روي عن القاسم # يقتضي جوازَ بيعه إذا كان لزرع أو ضرع⁣(⁣٤)؛ ووجه ذلك أن النبي ÷ أَذِنَ في اقتناء الكلب للماشية والزرع والصيد⁣(⁣٥)، ولم يفصل بين اقتنائه بالشراء والهبة أو غيرهما؛ ولأنه حيوان يجوز اقتناؤه والاصطياد به، فجاز بيعه كالفهد.

  مسألة: (وثانيها: ما كان مملوكاً ثم زال الملك عنه، كالأوقاف الْمُحبَّسَة). والأصل في ذلك ما روي عن ابن عمر أن عمر استشار رسول الله ÷

  بمال له ذَكَرَ موضِعَهُ، فقال ÷: «تَصَدَّقْ بِهِ: يُقْسَمُ ثَمَرُهُ، وَيُحَبَّسُ أَصْلُهُ، لا يُبَاعُ ولا يُوهَبُ»⁣(⁣٦)؛ فصار ذلك أصلاً في جواز الوقف وصحته، وزوال الملك عنه؛ فلا يصح بعد ذلك بيعه، ولا هبته، ولا تمليكه.

  مسألة: (وثالثها: ما كان مملوكاً وقد انعقد فيه سبب الحرية على وجه، نحو أم الولد والمكاتب والْمُدَبَّرِ، إذا لم يكن بسيده ضرورة، فإن كان به


(١) الأحكام ٢/ ٥٥١، وأجازته الشافعية والحنفية.

(٢) شرح التجريد ٤/ ٣٦، والشفاء ٢/ ٤٠٥ بلفظ: «إن الله حرم الكلب وحرم ثمنه ...»، والبخاري رقم ١٩٨٠ بلفظ: «نهي رسول الله عن ثمن الكلب»، ومثله مسلم رقم ١٥٦٧، وكذلك الترمذي رقم ١٢٧٦.

(٣) شرح التجريد ٤/ ٣٦، وأصول الأحكام.

(٤) شرح التجريد ٤/ ٣٦، وأصول الأحكام.

(٥) الشفاء ٢/ ٤٠٥، والبخاري رقم ٢١٩٧.

(٦) الحديث بمعناه في الاعتصام ٤/ ٢٢٢، وأصول الأحكام، والبخاري رقم ٢٥٨٦ بلفظ: «إن شئت حبست أصلها وتصدقت بها.