باب القول في البيوع
  الكلب فمذهب الهادي # يقتضي المنع من جواز بيعه(١)؛ ووجه ذلك ما روي عن النبي ÷ أنه قال: «ثَمَنُ الكَلْبِ حَرَامٌ»(٢)؛ ولأنه نجس الذات، فلم يجز بيعه كالميتة. وعنه ÷ أنه نهى عن ثمن الكلب وإن كان ضارياً(٣)، وما روي عن القاسم # يقتضي جوازَ بيعه إذا كان لزرع أو ضرع(٤)؛ ووجه ذلك أن النبي ÷ أَذِنَ في اقتناء الكلب للماشية والزرع والصيد(٥)، ولم يفصل بين اقتنائه بالشراء والهبة أو غيرهما؛ ولأنه حيوان يجوز اقتناؤه والاصطياد به، فجاز بيعه كالفهد.
  مسألة: (وثانيها: ما كان مملوكاً ثم زال الملك عنه، كالأوقاف الْمُحبَّسَة). والأصل في ذلك ما روي عن ابن عمر أن عمر استشار رسول الله ÷
  بمال له ذَكَرَ موضِعَهُ، فقال ÷: «تَصَدَّقْ بِهِ: يُقْسَمُ ثَمَرُهُ، وَيُحَبَّسُ أَصْلُهُ، لا يُبَاعُ ولا يُوهَبُ»(٦)؛ فصار ذلك أصلاً في جواز الوقف وصحته، وزوال الملك عنه؛ فلا يصح بعد ذلك بيعه، ولا هبته، ولا تمليكه.
  مسألة: (وثالثها: ما كان مملوكاً وقد انعقد فيه سبب الحرية على وجه، نحو أم الولد والمكاتب والْمُدَبَّرِ، إذا لم يكن بسيده ضرورة، فإن كان به
(١) الأحكام ٢/ ٥٥١، وأجازته الشافعية والحنفية.
(٢) شرح التجريد ٤/ ٣٦، والشفاء ٢/ ٤٠٥ بلفظ: «إن الله حرم الكلب وحرم ثمنه ...»، والبخاري رقم ١٩٨٠ بلفظ: «نهي رسول الله عن ثمن الكلب»، ومثله مسلم رقم ١٥٦٧، وكذلك الترمذي رقم ١٢٧٦.
(٣) شرح التجريد ٤/ ٣٦، وأصول الأحكام.
(٤) شرح التجريد ٤/ ٣٦، وأصول الأحكام.
(٥) الشفاء ٢/ ٤٠٥، والبخاري رقم ٢١٩٧.
(٦) الحديث بمعناه في الاعتصام ٤/ ٢٢٢، وأصول الأحكام، والبخاري رقم ٢٥٨٦ بلفظ: «إن شئت حبست أصلها وتصدقت بها.