شرح نكت العبادات،

جعفر بن أحمد بن عبد السلام (المتوفى: 573 هـ)

باب القول في البيوع

صفحة 201 - الجزء 1

  ضرورة جازبيعه). وإنما قلنا بذلك في أمِّ الولد؛ لما روي عن النبي ÷ أنه قال في ماريةَ أم ولده إبراهيم عايه السلام: «أَعْتَقَهَا وَلَدُهَا وإِنْ كَانَ سقْطاً»⁣(⁣١). وعنه ÷ أنه قال: «إِذَا وَلَدَتْ جَارِيَةُ الرَّجُلِ مِنْه فَهِيَ لَهُ مُدَّةَ حَيَاتِه، فَإِذَا مَاتَ فَهِيَ حُرَّةٌ»⁣(⁣٢). وعنه ÷ في أمهات الأولاد أنه منع من بيعهن⁣(⁣٣). وإنما قلنا ذلك في المكاتب؛ لأنه بالكتابة قد انعقد له سببُ الحرية فلم يجز إبطالهُ بالبيع إلا أن يرضى المكاتب بذلك، أو يُعَجِّزَ نفسه عن الأداء، فأما بغيررضاه ولا عَجْزٍ منه فلا يجوز، والأظهر أنه إجماع. وإنما قلنا بذلك في المدبر؛ لما روي عن النبي ÷ أنه قال في المدبر: «لاَ يُبَاعُ وَلاَ يُشْتَرىَ، وَهُوَ حرٌّ مِنْ الثُلُثِ»⁣(⁣٤)؛ وهذا يفيد المنع من بيع المدبر على الإطلاق. وإنما قلنا بجواز بيعه عند الضرورة؛ لما روي أن رجلاً من الأنصار أعتق غلاماً عن دُبُرٍ ولم يكن له مال غيره، فدعا به النبي ÷ فقال: مَنْ يَشْتَرِيهِ؟ فاشتراه نعيم بن عبدالله⁣(⁣٥) بثمانمائة درهم، ثم دفعها إليه، ثم قال: «إِذَا كَانَ أَحَدُكُم فَقَيراً فَلْيَبْدَأْ


(١) شرح التجريد ٤/ ١١، والاعتصام ٤/ ٢٩، والبيهقي ١٠/ ٣٤٦، والدار قطني ٤/ ١٣١ بلفظ: «أعتقها ولدها»، ومثله ابن ماجه رقم ٢٥١٦.

(٢) شرح التجريد ٤/ ١١ بلفظ: «إذا ولدت جارية الرجل فهي له متعة حياته» ... الخ، ومثله أصول الأحكام، والاعتصام ٤/ ٢٩، والبيهقي ١٠/ ٣٤٨.

(٣) شرح التجريد ٤/ ١١، والاعتصام ٢/ ٢٩، والدار قطني ٤/ ١٣٤ رقم ٣٤، ونصب الراية ٣/ ٢٨٨.

(٤) الحديث في الاعتصام ٢/ ٢٥٩، والدار قطني ٤/ ١٣٨، ونصب الراية ٣/ ٢٨٤، و تلخيص الحبير ٤/ ٢١٥.

(٥) نُعيم بن عبدالله النحام، أحد بني عدي بن كعب بن لؤي القرشي العدوي. أسلم قديماً أول الإسلام، وقيل: أسلم بعد عشرة أنفس، وقيل: بعد ثمانية وثلاثين إنساناً قبل إسلام عمر بن الخطاب. كان يكتم إسلامه، ومنعه قومه لشرفه فيهم من الهجرة؛ لأنه كان ينفق على أرامل بني عدي وأيتامهم و يمونهم. استشهد يوم اليرموك سنة ١٥ هـ في خلافة عمر. وقيل: استشهد بأجنادين سنة ١٣ هـ في خلافة أبي بكر. وقيل: غير ذلك. انظر أسد الغابة ٥/ ٣٢٦، والاستيعاب ٤/ ٦٩.