شرح نكت العبادات،

جعفر بن أحمد بن عبد السلام (المتوفى: 573 هـ)

باب الإيجارات

صفحة 213 - الجزء 1

  مسألة: (والفاسدة: ما وقعت الجهالة ببعض ذلك فيها)؛ وذلك لما قدمنا من أن الإجارة عقد معاوضة أو بيع المنافع؛ فوقوع الجهالة فيها مما يفسدها كالبيع.

  مسألة: (فإن كان المستَأْجَرُ دابة للحمل عليها وجب أن تذكر المسافة)؛ وذلك لأن ذكرها يوجب كون المنفعة المطلوبة منها معلومة، وَتَرْكُ الذكرلها يوجب كونها مجهولة فتفسد الإجارة.

  مسألة: (والأُجَرَاءُ، قسمان: مشترك، وخاص. فالمشترك هو الذي يُستَأجَرُ على العمل كالصانع، أو على حمل المتاع كالمكاري، وهو ضامن لما تلف على يديه بجناية وبغير جناية⁣(⁣١)، إلا أن يتلف بأمر غالب لا يمكن دفعه). والأصل في ذلك ما روي عن أمير المؤمنين # أنه كان يُضَمِّنُ الأجيرَ المشترك، ويقول: «لا يُصْلِحُ الناسَ إلا ذَلِكَ»⁣(⁣٢). والمراد أنه لا يصلحهم في الدين إلا الحكم بتضمينه، وذلك مما لا يعلم إلا من جهة النبي ÷؛ لأن مصالح الدين مما لا هداية إلى العلم بها إلا من جهة الوحي، فجرى مجرى المسند إليه ÷. وإجماع أهل البيت $ منعقد على ذلك. وإنما لم يضمن ما تلف بأمر غالب؛ لأن ذلك مما لا يقدر على دفعه؛ ولا يكلِّف الله نفساً إلا وسعها.

  مسألة: (والخاص هو الذي يُستَأجَرُ مدة من الزمان، يستعمله فيما شاء وهو غير ضامن لما تلف إلا بجناية منه)؛ وذلك لأن الأجير الخاص يستحق الأجرة بمضي المدة لا بالعمل؛ لأنه لو لم يؤمر في تلك المدة بعمل لاستحق


(١) وهو قول أبي حنيفة، وعند الشافعية لا يضمن إلا بجناية.

(٢) شرح التجريد ٤/ ١٦٩، وأصول الأحكام، والشفاء ٣/ ٢٢، والبيهقي ٦/ ١٢٢.