شرح نكت العبادات،

جعفر بن أحمد بن عبد السلام (المتوفى: 573 هـ)

باب الإيجارات

صفحة 214 - الجزء 1

  الأجرة بمضيها، فلم يكن العمل مضموناً عليه ولا الحفظ أيضاً، فصار كالمودع الذي لا يضمن إلا بجناية.

  مسألة: (واستئجار المرضعة جائز)؛ وذلك لقوله تعالى: {فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ}⁣[الطلاق: ٦].

  مسألة: (والأجرة تُسْتَحَقُّ باستيفاء المنافع أو التمكن منها دون عقد الإجارة)، وهذا إذا كانت الإجارة على المنافع، فإن كانت الإجارة على العمل فإن الأجرة تستحق بتسليم العمل، إلا أن يُعَجِّلَ الأجرةَ أو يشترط تعجيلها. والأصل في ذلك قوله تعالى: {فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ}⁣[الطلاق: ٦]، فشرط وجود العمل الذي هو الإرضاع في وجوب الأجرة، وما روي عن النبي ÷ أنه قال: «أَعْطِ الأَجِيرَ أُجْرَتَهُ قَبْلَ أَنْ يَجِفَّ عَرَقُهُ»⁣(⁣١). وعنه ÷ أنه قال: يقول ربكم «ثلاثةٌ أَنَا خَصْمُهُمْ: مَنِ اسْتَأْجَرَأَجِيراً فَاستَوفَى مِنْهُ وَلَمْ يُوفِهِ أَجْرَهُ»⁣(⁣٢)، فاقتضى ذلك أن الأجرةَ لا تُستَحَقُّ إلا بعد وفاء العمل، واستيفاء المنافع جارٍ هذا المجرى. قلنا: أوالتمكن منها؛ لما ثبت أن التمكن يجري مجرى الاستيفاء، كما في تمكن المشتري من التصرف في المبيع، فإنه يجري مجرى التصرف فيه، وكذلك التمكن من وطء امرأته يجري في كمال المهر مجرى الوطء؛ ولأن هذا هو مبلغ ما في قدرة المؤجِّر، وهو أن يُسَلِّمَ الدارَ إلى مستأجِرها، فإن شاء سكنها وإن شاء تركها.


(١) شرح التجريد ٤/ ١٦١، والشفاء ٣/ ١٣، وأصول الأحكام، والاعتصام ٤/ ١٣٦، وابن ماجه رقم ٢٤٤٣، والبيهقي ٦/ ١٢١، ونصب الراية ٤/ ١٢٩.

(٢) شرح التجريد ٤/ ١٦١، وأصول الأحكام، والشفاء ٣/ ١٤، والاعتصام ٤/ ١٣٦، والبخاري رقم ٢١٥٠، وابن ماجه رقم ٢٤٤٢، والبيهقي ٦/ ١٤، وابن حبان رقم ٧٣٣٩.