شرح نكت العبادات،

جعفر بن أحمد بن عبد السلام (المتوفى: 573 هـ)

باب الشركة

صفحة 219 - الجزء 1

  يختص بمالك معين فيكون أمره إلى الإمام؛ ليصرفه حيث يشاء من المصالح، وقد روي عن النبي ÷ أنه قال: «لَيْسَ لِلْمَرْءِ إِلاَّ مَا طَابَ بِهِ قَلْبُ إِمَامِهِ»⁣(⁣١)؛ وهذه الأرض داخلةٌ في ذلك.

  مسألة: (ومن سبق إلى مكان مباح ليقعدَ فيه كان أولى من غيره حتى يقوم منه)، والأظهر أن ذلك إجماع، ووجهه أنه لما سبق إليه فقد صارمن الاختصاص به ماليس لغيره فكان أولى به، كمن سبق إلى الصيد، أو الحشيش، أوغير ذلك من المباحات.

بابُ الشُّركةِ

  مسألة: (الشركة على خمسة أوجه: أحدها: شركة المفاوضة⁣(⁣٢): وهي أن يملك رجلان شيئاً من النقد متساوياً فيخلطاه على أن يكون مُشْتَرَكاً بينهما، ويشترطان أن يبيعا ويشتريا بأموالهما ووجوههما مُجْتَمِعَيْنِ ومفترقين، ويكونَ كل واحد منهما مفوضاً على ما في يده وفيما في يد صاحبه، يعمل فيه برأيه، فما حصل من الربح كان بينهما نصفين، وما كان من خسارة كان عليهما نصفين، فإذا ملك أحدهما شيئاً من النقد دون صاحبه بطلت هذه الشركة). والأصل في صحة هذه الشركة قول الله سبحانه: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ}⁣[المائدة: ١]، وهذه من جملة ما عقداه فلزم الوفاء به، وقول النبي ÷: «الْمُؤْمِنُوْنَ عِنْدَ شُرُوْطِهِمْ»⁣(⁣٣). وهذه من جملة شروطهم فلزم الوفاءُ به.


(١) شرح التجريد ٢/ ٦٤، والطبراني في الكبير ٤/ ٢٠ رقم ٣٥٣٣ بلفظ: «إنما للمرء ما طابت به نفس إمامه»، وكذلك نصب الراية ٤/ ٢٩٠.

(٢) كل الشركات باطلة عند الشافعية إلا شركة العنان، وأبطل الإمام مالك شركة المفاوضة.

(٣) الشفاء ٣/ ٣٥، وشرح التجريد ٤/ ١٨٢، وأصول الأحكام، والبخاري ٢/ ٧٩٤، والبيهقي ٦/ ٧٩، والدار قطني ٣/ ٢٧، والمعجم الكبير ٤/ ٢٧٥ رقم ٤٤٠٤.