باب الشركة
  قلنا: من شرطه المساواة في النقد؛ وذلك مما لا خلاف فيه بين من أثبت هذه الشركة، وقد قيل: إنما سميت شركة مفاوضة؛ لما فيها من المساواة، كما يقال: الناس فوضى، أي متساوون، وقد قيل: سميت بذلك؛ لما فيها من تفويض كل واحد منهما لصاحبه.
  مسألة: (والثاني: شركة العَنَان: وهي أن يشتركا في ما أحَبَّا من النقود، سواءً كان نقدهما متساوياً أو متفاضلاً، ويكون الربح بينهما على ما أحبا من مساواةٍ أو مًفاضلة، وتكون الخسارة على قدر رؤوس الأموال. ولا يجوز أن يكونَ الأقلُّ من الربح للذي يتولى العمل). وسميت هذه الشركة شركة العنان بفتح العين وبكسرها فالفتح من قولك: عَنَّ الشيءُ، إذا ظهر وعرض، ومنه سمي عَنَانُ السماء، وهوما ظهر منها، فلما اشتركا فيما أظهراه من أموالهما دون غيره سميت بذلك، والكسر من عِنَانِ الفرس؛ لَمَّا كان الفارس يمسكه بشماله ويتصرف بيمينه فيما شاء، وكأن هذين الشريكين قد اشتركا في قدرمن مالهما وأَمسكاه في الشركة بينهما، وتصرفا في سائرأموالهما بما أحبا؛ سميت بذلك تشبيهاً بِعِنَانِ الفرس؛ وأَصْلُهَا ما روي عن أمير المؤمنين #، أن رجلين كانا شريكين على عهد رسول الله ÷، فكان أحدهما مواظباً على السوق والتجارة، وكان الأخر مواظباً على المسجد والصلاة خلف رسول الله ÷، فلما كان عند قسمتهما الربح قال المواظب على السوق: فَضِّلْنِي فإني كنت أواظب على التجارة، وأنت كنت مواظباً على المسجد، فجاءآ إلى النبي ÷ فذكرا له ذلك، فقال النبي ÷ للذي كان يواظب