شرح نكت العبادات،

جعفر بن أحمد بن عبد السلام (المتوفى: 573 هـ)

باب الشركة

صفحة 223 - الجزء 1

  مسألة: (والرابع: شركةٌ في شيء خاص من نقد أو عرض أو حيوان، فلكل واحد من الشريكين أن يتصرف في ملكه بما يشاء، على وجهٍ لا يؤدي إلى استهلاك نصيب شريكه)، ولا يظهر الخلاف في صحة الشركة في ذلك، وقد دل عليها ما ورد من ذكر الشركة في المواريث وغيرها نحو قوله تعالى: {فَإِنْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ}⁣[النساء: ١٢]، وغيرها من آيات المواريث، وما جرى مجراها. وذلك ما روي عن النبي ÷: «الشُّفْعَةُ في كُلِّ شِرْكٍ». وقوله ÷: «لا يَصْلُحُ لِلْشَّرِيكِ أَنْ يَبِيعَ حَتَّى يُؤْذِنَ شَرِيكَهُ»، وفي ذلك دلالة على صحة الشركة، وعلى أن الشريك لا ينبغي له أن يتصرف تصرفاً يضر بشريكه، ولا أن يستهلك نصيب شريكه، وكذلك قوله #: «لاَ ضَرَرَ وَلاَ ضِرَارَ في الإِسْلاَمِ» يدل عليه أيضاً.

  مسألة: (والخامس: شركة الوجوه: وهو أن يشترك الرجلان في الصناعات، على أن يَتَقَبَّلا الأعمال، ويعمل كل واحد منهما ما هو صنعته من ذلك، ويقتسما الكسب على ما يَشْتَرِطَانِ عليه، أو يشتركا على أن يبيعا ويشتريا بوجوههما، وإن لم يكن لهما رأس مال، ويكون الربح بينهما نصفين)، وتنعقد هذه الشركة بأن يوكل كلُّ واحد منهما صاحِبَه بأن يتقبل نصف العمل الذي يرفع إليه، فيصير على كل واحد منهما نصف ذلك العمل، ويلزمه ضمانه، ويستحق الأجرة عليه، وكذلك إذا كانت معقودةً على التجارة بوجههما، ويوكل كل واحد منهما صاحبه، بأن يشتري له النصف من البضائع، ويصيران شريكين في ذلك، ويلزمهما الضمان سواء، ويكون الربح بينهما على حسب الضمان. وأصل هذه الشركة قوله تعالى: