باب الرهن
  كونَه معلوماً؛ إذ لا يصح القبض إلا بعد ذلك، واشتراط القبض فيه يوجب أن يكون الرهن خالصاً غيرَمشاع؛ لأن القبضَ في المشاع لا يدوم، من حيث يجب للشريك فيه من القبض مثل ما للمرتهن، وذلك يقتضي زوالَ يد المرتهن في بعض الحالات، بأن يستولي عليه الشريكُ في نوبته، فيزول القبضُ الذي هو صفة الرهن فيفسد الرهن. والآية قد دلت على الشروط جميعاً، فإذا عدم شيء منها فسد الرهن. وهذه الشروط هي التي يجب أن يقع عقدُ الرهن عليها، حتى يكونَ صحيحاً، ولا خلاف في أنه لا بد من عقد ينعقد به الرهنُ بينهما على التراضي منهما.
  مسألة: (وإذا قَبَضَ المرتهن بعض الحق كان الرهن جميعه رهناً فيما بقي من الحق)؛ وذلك لأنه رهنٌ لجميع الحق، فلا فكاك له إلا بتوفية الجميع منه، كما لو اشتري سلعة وسلَّم بعض الثمن، لم يكن له أن يقبضها حتى يُوفِّيَ باقيه.
  مسألة: (ولا يجوز للمرتهن بيعُ الرهن لاستيفاء حقه إلا أن يكون الراهن قد سلطه على بيعه، أو أذن له الحاكم فيه)؛ وذلك لأن الرهن ملك للراهن، وإنما للمرتهن فيه حق الحبس؛ فلم يجز بيعه إلا بإذن مالكه؛ لقوله تعالى: {لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ}[النساء: ٢٩]. وقول النبي ÷: «لاَ يَحِلُّ مَالُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ إِلاَّ بِطِيْبَةٍ مِنْ نَفْسِهِ». قلنا: أو بإذن الحاكم؛ لما تبين أن الحاكم قائمٌ بمصالح المسلمين، وله ولاية استيفاء الحقوق ممن تقاعد عن إيفائها، فجرى إذنُه في ذلك مجرى تسليط المالك.
  مسألة: (والرهن مضمون على المرتهن، سواءٌ كان تلفه بجناية منه أو بغير جناية)؛ وذلك لما روي أن رجلاً رهن رجلاً فرساً على عهد رسول الله