باب الهبات
  وَهَبَ لولده النعمان غلاماً له ولم يهب لغيره من أولاده شيئاً، فأمره النبي ÷ أن يَرتَجِعَةُ(١)؛ وذلك دليلٌ على ثبوت الرجعة فيما وَهَبَهُ الأب لولده الصغير(٢).
  مسألة: (ولا يصح الرجوعُ في الصدقة لقريبٍ كانت أو لأجنبيِّ)، وذلك مما لا خلاف فيه بين علماء المسلمين.
  مسألة: (ولا تصحُّ هبةُ المجهول، ولا هبة الصبي والمجنون والمحجورعليه للديون). أما هبةُ المجهول فلا تصح بالإجماع، وأما هبة الصبي والمجنون فإنما لم تصح لأنهما ممن رفع القلم عنهما؛ بما ورد من قول النبي ÷: «رُفِعَ القَلَمُ عَنْ ثَلاَثَةٍ ....».(٣) الخبرَ، وهما من جملتهم، فلم تصح تصرفاتهما كالنَّام. وأما المحجور عليه للديون فإنما لم تجز هبته لمكان الحجر المانع من نفاذ التصرف، على ما يأتي بيانه في باب الحجر.
  مسألة: (وَهِبَةُ الصحيح نافِذةٌ في مالِه، وكذلك المريض الذي لا يُخَافُ عليه التَّلَفُ من مرضه، فأما إذا خيف عليه لم يجز من هبته إلا مقدار الثلث من تركته، إلا أن يجيز الورثة ما زاد عليه). أما هبة الصحيح فإنها تجوز في ما قلّ من ماله أو كثر؛ لقوله تعالى: {فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا}[النساء: ٤]، فأجاز سبحانه تناولَ ما طابت به النفسُ، ولم
= أول من بايع من الأنصار أبا بكر يوم السقيفة، وقتل بعين التَّمْر في خلافة أبي بكر سنة ١٢ هـ. انظر أسد الغابة ١/ ٣٩٨، والاستيعاب ١/ ٢٥٢، والإصابة ١/ ١٦٢.
(١) شرح التجريد ٤/ ٢٥٤، والشفاء ٣/ ٦٢، والاعتصام ٤/ ٢٠٩، وأصول الأحكام، وفتح الباري رقم ٢٤٤٦.
(٢) عند الشافعية له أن يرجع، صغيراً كان الولد أو كبيراً.
(٣) شرح التجريد ٥/ ٦٩، والشفاء ٣/ ٤٢٢، والاعتصام ٥/ ٢٤٩، والترمذي رقم ١٤٢٣، وأبو داود رقم ٤٣٩٨، وابن ماجه رقم ٢٠٤١.