شرح نكت العبادات،

جعفر بن أحمد بن عبد السلام (المتوفى: 573 هـ)

باب الكتابة

صفحة 258 - الجزء 1

  مسألة: (وليس لسيده أن يأخذَ مما في يده شيئاً إلا بإذنه)؛ وذلك لأنه بعقد الكتابة صار في حكم الحر في مكتسباته وعقوده، بلا خلاف في ذلك، فلم يجز أخذ شيء مما في يده إلا بطيبة من نفسه، كالحر.

  مسألة: (فإن عَتَقَ كان ولاؤه لسيده، وإن عَجَز رُدَّ في الرق). وإنما يكون ولاؤه لمولاه متي عَتَقَ؛ لأنه معتقُه، وقد قال رسول الله ÷: «الوَلاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ»⁣(⁣١). قلنا: وإن عَجَزَ رُدَّ في الرق؛ لما روي عن النبي ÷ أنه قال: «الْمُكاتَبُ عَبْدٌ ما بَقِيَ عَلَيْهِ دِرْهَمٌ»⁣(⁣٢). وقال ÷: «أَيُّمَا رَجُلٍ كَاتَبَ عَبْداً لَهُ عَلَى مِائَةِ أَوْقِيَّةٍ، فَأدَّاهَا إِلاَّ عَشْرَ أَوَاق فَهُوَ عَبْدٌ، وَأَيُّمَا عَبْدٍ كُوتِبَ عَلَى مِائَةِ دِينَارٍ فَأَدَّاهَا إِلاَّ عَشَرَةَ دَنَانِيْرَ فَهُوَ عَبْدٌ»⁣(⁣٣).

  مسألة: (وكان كل ما اكتسبه لمولاه، وما أعانه به الإمامُ والمسلمون من الصدقات فإنها تؤخذُ منه وتُصرَفُ في معونة المكاتبين). أما مِلْكُ مولاه لما اكتسبه متي رُدَّ في الرِّقِ فلا يظهر فيه خلاف؛ وذلك لأنه مملوك؛ لما تقدم بيانُه. ولا شك أن ما اكتسبه المملوك يكون لمولاه، وأما ما صار إليه من الصدقات فإنه يصرف في جهته من الرقاب؛ لأن ملك العبد فيه لم يستقر وإنما صُرِفَ إليه ليتوصل به إلى الحرية، وسيده لا يملكه من حيث لم يكن مستحقاً اله؛ فوجب رده إلى المستحقين كالقرض الذي استقرضه، والمال الذي اغتصبه.


(١) شرح التجريد ٥/ ٤٤، والشفاء ٣/ ٨٧، والاعتصام ٤/ ٢٦٩، وأصول الأحكام، والبخاري رقم ٢٥٧٦، و مسلم رقم ١٥٠٤، والترمذي رقم ٢١٢٤، وأبو داود رقم ٣٩٢٩.

(٢) شرح التجريد ٥/ ٣٢، والشفاء ٣/ ٨٤، وأصول الأحكام، والاعتصام ٤/ ٢٦٢، وأبو داود رقم ٣٩٢٦، والترمذي رقم ١٢٦٠.

(٣) شرح التجريد ٤/ ٣٣، والشفاء ٣/ ٨٤، وأصول الأحكام، والاعتصام ٤/ ٢٦٣، وأبو داود رقم ٣٩٢٧، والبيهقي ١٠/ ٣٢٣، والدار قطني ٤/ ١٢١، ونصب الراية ٤/ ١٤٢.