باب أم الولد
بابُ أُمِّ الوَلَدِ
  مسألة: (أُمُّ الولدِ: هي التي يطأها سيدُها، وتحملُ منه وتضعُ ما يظهرُ فيه أثرُ الحلقة كالمضغة ونحوها، ويدعي السيدُ ذلك الولد، فتكون أمَّ ولد له بذلك، ولا يجوز له هبتُها ولا بيعُها)، ولا يظهر خلاف بين العلماء في أنَّ الأَمَةَ إذا كانت كذلك صارت أمَّ ولد. والأصل فيه ما روي عن النبي ÷ أنه قال في ماريةَ أُمِّ ولده إبراهيم #: «أَعْتَقَها وَلدُهَا وَإِنْ كَانَ سِقْطاً»(١). وعن سعيد ابن المسيب قال: أمهات الأولاد لا يُبَعْنَ ويجعلن من الثلث، قضى بذلك رسول الله ÷(٢) فصح بذلك أنها تكون أم ولد إذا ولدت ما يظهر فيه أثرُ الخلقة؛ لقوله: «وإن كان سقطاً». وصح أنه لا يجوز بيعها، وإذا لم يجز بيعها لم تجز هبتها أيضاً؛ لأن ما ثبت لها من سبب الحرية يمنع من ذلك.
  مسألة: (ولا) يجوز له أن (يزوجَها إلا بعد أن يثبت عتقُها)؛ وذلك لأنه قد صار لها فراش ثابت يوجب العدة وإلحاق النسب؛ فلا يجوز إنكاحها إلا بعد انقطاع حكم الفراش كالزوجة من الحرائر والموطوءة بالشبهة. وفراشها لا ينقطع إلا بالعتق؛ إذ لا يصح طلاقُها.
  مسألة: (وله أن يطأها قبل أن يعتقها، وله كسبها وأرش ما يُجني عليها وديتها إذا قتلت، وعليه نفقتها وأرش جنايتها إلى قدر قيمتها). والأصل في ذلك ما روي عن النبي ÷ أنه قال: «إِذَا وَلَدَتْ جَارِيَةُ الرَّجُلِ مِنْهُ فَهِيَ لَهُ مُدَّةَ
(١) الحديث في البيهقي ١٠/ ٣٤٦، وابن ماجه رقم ٢٥٦، والدار قطني ٤/ ١٣١.
(٢) الاعتصام ٤/ ٢٥٩، والدار قطني ٤/ ١٣٥، وتلخيص الحبير ٤/ ٢١٩، وأبو داود ٤/ ٢٧، ونصب الراية ٣/ ٢٨٧.