باب الأيمان
  تَحْلِفُوا إِلاَّ بِاللهِ»(١). وايمُ اللهِ من ألفاظ القسم أيضاً، وقد روي عن النبي ÷ أنه قال حين طعن الناس في إمارة أسامة بن زيد: «وَايْمُ اللهُ إِنْ كَانَ لَخَلِيقاً بِالإِمَارَةِ»(٢). وأما هيم الله فهو بمعني ايم الله، أقيمت الهاء فيها مُقَام الهمزةِ، كما يقال أَرَقْتُ الماء وهرقته بمعنىً واحدٍ.
  مسألة: (وكذلك إذا قال الرجلُ: عليَّ عهدُ اللهِ وميثاقُه، فكل ذلك من الأيمان)؛ لقوله تعالى: {وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ وَلَا تَنْقُضُوا الْأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا}[النحل: ٩١]؛ فاقتضى ذلك أن العهد يمينٌ، وقال تعالى: {الَّذِينَ يُوفُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَلَا يَنْقُضُونَ الْمِيثَاقَ ٢٠}[الرعد: ٢٠]؛ فاقتضى ذلك أن الْمِيثَاقَ هو العهدُ، فكان الكلُّ من الأَيمان.
  مسألة: (وإذا قال: أُقْسِمُ لا فَعَلْتُ كذا ونوى به اليمينَ كان يميناً)؛ وذلك لأن هذا اللفظَ محتملٌ للقسم بالله سبحانه وبغيره، فإذا نوى به اليمينَ بالله تعالى انصرف إليها، فكان يميناً، وإذا لم ينوها به لم يكن يميناً.
  مسألة: (والأَيمان ثلاثة أضرب: أحدها: الغَمُوسُ: وهي التي يعلم الحالفُ أنه كاذبٌ فيها. وفيها الإثم دون الكفارة). أما ثبوتُ الإِثم فَمِمَّا لا يظهر فيه خلاف، وقد وردت الأخبار بالوعيد أيضاً لصاحبها، وفي بعضها أنها من الكبائر. وروي عن النبي ÷ أنه قال: «مَنْ حَلَفَ يَمِيْناً كَاذِبَةً؛
(١) شرح التجريد ٥/ ٦٥، والشفاء ٣/ ٩٨ بلفظ مقارب، والاعتصام ٤/ ٢٨٢، وأصول الأحكام، وأبو داود رقم ٣٢٤٨ بلفظ: «لا تحلفوا بآبائكم ولا بأمهاتكم ولا بالأنداد» ... الخ، ومثله البيهقي ١٠/ ٢٩.
(٢) شرح التجريد ٥/ ٦٧، والشفاء ٣/ ٩٧، وأصول الأحكام، والبخاري رقم ٣٥٢٤، والبيهقي ٨/ ١٥٤، والنسائي رقم ٨١٨١، ومسند أحمد رقم ٤٧٠١، والمعجم الكبير ١٢/ ٢٩٨ رقم ١٣١٧١.