شرح نكت العبادات،

جعفر بن أحمد بن عبد السلام (المتوفى: 573 هـ)

باب الأيمان

صفحة 264 - الجزء 1

  بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ}⁣[البقرة: ٢٢٥]، ومعنى ما كسبت قُلُوبُكم هو ما قصدت إلى الكذب فيه في الأمر الماضي، فكانت اللغو ما لا يَقْصِدُ إلى الكَذِبِ بل يظن أنه صادقٌ فصح ما قلناه في اللغو.

  مسألة: (والثالث: المعقودة: وهي أن يَخْلِفَ على أمر في المستقبل لَيَفْعَلَنَّهُ، أو لا فعله، ثم يخالف ما حَلَفَ عليه؛ فَيَحْنَثُ وتلزمه الكفارة)، ولا يظهر في ذلك خلاف بين العلماء. وأصله قول الله سبحانه وتعالى: {وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ}⁣[المائدة: ٨٩].

  مسألة: (ومن نسي فخالف ما حلف عليه حَنِثَ كما يَحْنَثُ المتعمِّد). وذلك لأن المخالفة قد وقعت منه لما حلف عليه، فصح وصفُه بأنه حانِثٌ، فلزمته الكفارة كما لو كان متعمداً.

  مسألة: (وَمَنْ حَلَفَ بالقرآن، أو بالبيت الحرام، أو بالنبي ÷ أو بالبراءة من الإسلام، ثم حَنِثَ في ذلك لم تلزمْهُ الكفارةُ، ولا يجوز له أن يَحْلِفَ بشيء من ذلك). والأصل في ذلك ما روي أن ابنَ عُمَرَ رأى رجلاً يحلف بالكعبة، فقال ابنُ عمر: سمعت رسول الله ÷ يقول: «مَنْ حَلَفَ بِغَيرِ اللهِ فَقْد أَشْرَكَ»⁣(⁣١). وعنه ÷ أنه قال: «مَنْ كَانَ حَالِفاً فَلْيَحْلِفْ باللهِ أوْ فَلْيَصْمُتْ»؛ فاقتضى ذلك أن اليمينَ الشرعيةَ في اليمينُ بالله سبحانه، وأن ما عداها يكون منهياً عنه فلا يكون يميناً موجبةً للكفارة.


(١) أصول الأحكام، والشفاء ٣/ ٩٧، وأبو داود رقم ٣٢٥١، والبيهقي ١٠/ ٢٩، وابن حبان رقم ٤٣٥٨ والمستدرك ٤/ ٣٣٠ رقم ٧٨١٤، ومسند أحمد رقم ٦٠٧٣.