شرح نكت العبادات،

جعفر بن أحمد بن عبد السلام (المتوفى: 573 هـ)

باب الكفارات

صفحة 266 - الجزء 1

بابُ الكفَّارَاتِ

  مسألة: (من حَنِثَ في يَمِينِه فَهُوَ مخيرٌ بين الكفارات الثلاث⁣(⁣١)، فإن شاء أَعْتَقَ رَقَبَةً، وإن شاء أَطْعَمَ عشرة مساكين من فقراء المسلمين، وإن شاء كساهم كسوة ساترة تجزيهم الصلاةُ فيها، فإن لم يقدر على شيء من ذلك صامَ ثلاثةَ أيَّام متتابعة). والأصل في ذلك قول الله سبحانه: {فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ}⁣[المائدة: ٨٩] فنصُّ القرآن يقتضي التخييرَ بين هذه الثلاث الكفارات، من حيث أدخل بينها حرف التخيير وهو لفظة أو. وإنما قلنا: كسوة ساترة⁣(⁣٢)؛ لأنه تعالى أوجب الكسوةَ، وذلك لا يقع على ما يستر كل البدن أو أكثره، ولا يقع على العمامة أو الجورَب لَمَّا لم يكن ذلك ساتراً لأكثر البدن، وهذا معني قولنا: تجزيْهم الصلاة فيها؛ فالمراد به ما يستر أكثر البدن - وإن لم يكن جوازُ الصلاةِ فيه شرطاً؛ إذ لو كساه ثوباً رقيقاً أجزأه وإن كان يصف البدن لرقَّتِهِ. وقلنا بوجوب المتابعة في الصوم؛ لما روي في قراءة ابن مسعود: فصيام ثلاثة أيام متتابعات⁣(⁣٣). وهي وإن لم تكن مستفيضة لا تجوز القراءة بها، فأقل أحوالها أن تكون بمنزلة خبر الواحد يجب العمل به.


(١) أجازت الشافعية الكفارة قبل الحنث.

(٢) قال الشافعي: تجزئ السروايل وحدها وكذا العمامة وحدها.

(٣) الكشاف ١/ ٦٧٣، وفتح القدير ٢/ ٧٢، ومجمع البيان ٣/ ٤٠٩، والدر المنثور ٢/ ٥٥٥، والفخر الرازي ٦/ ٨٢، وروح المعاني ٥/ ٢١، والطبري ٥/ ٤١، والشفاء ٣/ ١٠٤، والاعتصام ٤/ ٢٩٥، وأصول الأحكام، والبيهقي ١٠/ ٦٠، ونصب الراية ٣/ ٢٩٦.