باب أوقات الصلاة
  والدليل على ذلك ما روي عن أبي بصرةَ الغفاري(١) أنه قال: صلى بنا رسولُ الله ÷ المغرب فقال: «إِنَّ هَذِهِ الصَّلاَةَ عُرِضَتْ عَلَى مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ فَضَيَّعُوهَا؛ فَمَنْ حَافَظَ عَلَيْهَا أُوتِيَ أجْرَهُ مَرَّتَيْنِ، وَلاَ صَلاَةَ حَتَّى يَطْلُعَ الشِّهَابُ»(٢). وعلى هذا الوجه يُحْمَلُ ما في الخبر من التوقيت بوقوع القرص؛ لأن المراد به مغيبُ الشمس، وقد ذكرنا أنه لا يتحقق إلا بظهور كوكب من كواكب الليل. وإنما اعتبرنا أن يكون من كواكب الليل؛ لأن من الكواكب ما يُرَى بالنهار قبل غروب الشمس؛ فلا يعتبر به في دخول وقت هذه الصلاة. وإنما قلنا: إن وقتها ممتد إلى ذهاب الشفق؛ لما روي عن النبي ÷ أنه كان يجمع بين المغرب والعشاء بعدما يَغِيبُ الشفق إذا كان يسير في سفر(٣).
  مسألة: (ومن ذلك الحد وقت الاختيار للعشاء الآخرة إلى ذهاب ثلث الليل). والدليل على ذلك ما في الخبر أنه ÷ أُمِرَ بصلاة العشاء في الليلة الأولى حين وقع الشفق، وفي الليلة الثانية بعد ذهاب ثلث الليل، ثم قال: «مَا بَيْنَ هَذَيْنِ الْوَقْتِيْنِ وَقْتٌ»؛ وهذا يقتضي أن وقتها ممتد فيما بين هذين الوقتين.
  مسألة: (والليل كلُّه وقتُ الاضطرارِ للمغرب والعشاء الآخرة). والدليل عليه ما روي عن النبي ÷: «أَنَّهُ صَلَّى الظُّهْرَ وَالعَصْرَ جَمِيْعاً،
(١) حُميل، وقيل: جميل، والصواب جميل بن بصرة بن وقاص بن غفار، صحب النبي ÷ ونزل مصر ودفن بالمقطَّم مقبرة أهل مصر. انظر أسد الغابة ٢/ ٦٩، ٦/ ٣١، والاستيعاب ١/ ٤٥٢، والطبقات الكبرى ٧/ ٥٠٠.
(٢) شرح التجريد ١/ ١١٣، وأصول الأحكام، والاعتصام ١/ ٣٢٥، ومسلم رقم ٨٣٠، والطبراني في الكبير ٤/ ١٨٣ رقم ٤٠٨٤، والبيهقي ٢/ ٤٥٢، ومعاني الآثار ١/ ١٥٣.
(٣) شرح التجريد ١/ ١١٥ بمعناه، وكذلك البخاري رقم ١٠٥٥، ومسلم رقم ٧٠٣، و ابن ماجه رقم ١٠٦٩، والبيهقي ٣/ ١٥٩.