شرح نكت العبادات،

جعفر بن أحمد بن عبد السلام (المتوفى: 573 هـ)

باب التذكية بالذبح وغيره

صفحة 277 - الجزء 1

  في بئر، ولم يمكن إخراجه ولا تذكيتُه إلا بأن يُقَطَّعَ آراباً جاز ذلك، وحل أكلُه)؛ وذلك لما روي عن النبي ÷ أنه قسم مغنماً بذي الحليفة، فَنَدَّ [هرب] منها بعيرٌ، فتبعه رجلٌ من المسلمين فضربه بسيف أو طعنه برمح فقتله، فقال رسول الله ÷: «إِنَّ لِهَذِهِ الإِبِلِ أَوَابِدَ كَأَوَابِدِ الوَحْش، فَمَا نَدَّ مِنْهَا فَاصْنَعُوا بِهِ هَكَذاَ»⁣(⁣١). فدل ذلك على أن ما تعذر ذبُحه، جاز أن يُصنَعَ به كذلك. وعن أمير المؤمنين # أنه قال في ناقة أو بقرة ندَّتْ فضربت بالسلاح: «لا بأس بلحمها»⁣(⁣٢). والواقع في البئر مَقِيسٌ على ذلك؛ لعلة أن نحره أو ذبحه متعذرٌ، فجاز أن تكون ذكاتُه مِثْلَ ما تقدم.

  مسألة: (والتسميةُ عِنْدَ التذكية وإطلاق السَّهم وإرسالِ الكلب واجبةٌ على الذاكر. فمن تَرَكَهَا متعمِّداً لم تَجُزْ ذكاته. ومن تَرَكَهَا ناسياً جازت)، والمراد بالتذكية ها هنا، هو نحر الإبل، وذبح ما سواها من الحيوان، وذكاة الضرورة، والأصل في وجوب التسمية عند ذلك، قول الله تعالى: {وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ}⁣[الأنعام: ١٢١]. وقوله تعالى: {فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ وَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ}⁣[المائدة: ٤]. وما روي عن النبي ÷ في حديث أبي ثعلبةَ: «إذا ذَكَرْتَ اسْمَ اللهِ عَلَيْهِ فَكُلْ»⁣(⁣٣). وفي حديث عدي بن حاتم: «إذَا أَرْسَلْتَ كَلْبَكَ الْمُعَلَّمَ، وذَكَرْتَ اسمَ اللهِ عَلَيْهِ، فَكُلْ مِمَّا أَمْسَكَ


(١) شرح التجريد ٦/ ٢١٨، وأصول الأحكام، والشفاء ٣/ ١٤٦، والاعتصام ٣/ ٣٤١، والبيهقي ٩/ ٢٤٧، والمعجم الكبير ٤/ ٢٧٢ رقم ٤٣٩١، والبخاري رقم ٥١٨٤، ومسلم رقم ١٩٦٨، والنسائي رقم ٤٤٩٩.

(٢) شرح التجريد ٦/ ٢١٨، وأصول الأحكام، والشفاء ٣/ ١٤٧.

(٣) شرح التجريد ٦/ ١٩٩، وأصول الأحكام، والشفاء ٣/ ١٣٣، وابن ماجه رقم ٣٢٠٧.