باب التذكية بالذبح وغيره
  عَليْكَ»(١). فأباح أكلَهُ بشرطين: أحدهما: الإرسال، والثاني: التسميةُ، فلا يجوز الأكل إلا بعدهما، وعنه ÷ أنه قال: «ما أنْهَرَ الدَّمَ وذَكَرْتُمُ اسْمَ اللهِ عَلَيْهِ فَكُلُوا»(٢). فأباح أيضاً الأكل بشرطين: أحدهما: إنهارُالدم، والثاني: التسميةُ. قلنا: ومن تركها ناسياً جازت تذكيتُه؛ لما روي عن النبي ÷ أنه قال: «رُفِعَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأُ وَالنِّسْيَانُ وَمَا اسْتُكْرِهُوْا عَلَيْه»(٣). والمراد حكمه في الدنيا، ولأنه مسلم لم يتمكن من التسمية، فوجب أن يُؤكَلَ ما ذكاه كالأخرس.
  مسألة: (ومن شَرْطِ ذلك أن يكونَ مسلماً، فإن كان كافراً(٤) لم يحل شيء من ذلك)؛ والأصل فيه قوله سبحانه: {إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ}[المائدة: ٣]، عقيب تحريم الميتة، وهذا خطاب للمؤمنين؛ لقوله في أول الخطاب: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ}[المائدة: ١]، فاقتضى ذلك تحريمَ كُلِّ ما مات إلا ما ذكاه المؤمنون، وروي عن أمير المؤمنين # أنه سأله رجلٌ [عَمَّنْ حاربه] فقال: يا أمير المؤمنين، أرأيت قومنا، أمشركون هم؟ يعني أهل القبلة، قال: «لا، والله ما هم بمشركين، ولو كانوا مشركين لما حَلَّتْ لنا مُناكَحَتُهُمْ وَلاَ ذَبائِحُهُم ولا مواريثُهُم»(٥). فاقتضى ذلك أن ذبيحة كلِّ مشركٍ
(١) شرح التجريد ٦/ ١٩٩، والشفاء ٣/ ١٣٦، والاعتصام ٤/ ٣٢٥، وأصول الأحكام، والبخاري رقم ١٧٣، ومسلم رقم ١٩٢٩، والترمذي رقم ١٤٧٠، وابن ماجه رقم ٣٢٠٨، ونصب الراية ٤/ ٣١٦.
(٢) الشفاء ٣/ ١٣٧، والاعتصام ٤/ ٣٣٣، والبخاري رقم ٢٣٧٢، ومسلم رقم ١٩٦٨، والترمذي رقم ١٤٩١، وأبو داود رقم ٢٨٢١.
(٣) شرح التجريد ٦/ ٢١٣، وأصول الأحكام، والشفاء ٣/ ١٤٢ بلفظه، وابن ماجه رقم ٢٠٤٣، والبيهقي ١٠/ ٦٠، والدار قطني ٤/ ١٧٠ رقم ٣٣، والمعجم الكبير ١١/ ١٣٣ رقم ١١٢٧٤، وابن حبان رقم ٧٢١٩ بألفاظ مقاربة.
(٤) وقال أبو حنيفة والشافعي: إنها تجوز ذبيحة أهل الكتاب.
(٥) شرح التجريد ٦/ ٢٠٩، والشفاء ٣/ ١٤٣، وأصول الأحكام.