باب آداب القاضي
  ÷»(١). وعن أمير المؤمنين # أنه قال: «أولُ القضاءِ بما في كتابِ الله ø، ثم ما قال رسول الله ÷، ثم ما أَجمَعَ عليه الصالِحُون، فإن لم يوجد ذلك في كتاب الله ø، ولا في السنة، ولا فيما أجمع الصالِحُون عليه، اجْتَهَدَ الإِمَامُ في ذلك، لا يألو احتياطاً، واعتبر وقاسَ الأمورَ بعضَها على بعضٍ، فإذا تبين له الحقُّ أمضاهُ، ولقاضي المسلمينَ مَا لإِمامِهم»(٢). وذلك يقتضي كونَ القاضي عالماً بما يَحكُم به، ولم يختلف أصحابُنَا في أن كونه غيرَعالمٍ بذلك يقتضي نقصاً في حاله. وإنما اختلفوا هل كونه عالماً شرط في صحة قضائِه أم لا، فعلى ما ذكره السيدان: أبو العباس الحسني، وأبوطالب ® أن ذلك شرطٌ(٣)، ولا يجوز قضاؤه إذا كان مُقَلِّداً؛ ووجه ذلك ما تقدم من الأخبار؛ ولأنه إِذلم يكن عالِماً لم يأْمَن أن يَحْكُمَ بالخطأ، ويقضي بما لا يعلم، وقد ورد الوعيدُ لِمَنْ حَكَمَ بما لا يعلم، قال الله سبحانه وتعالى: {وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ}[الإسراء: ٣٦]. وروي عن النبي ÷ أنه قال: «القُضَاةُ ثلاثةٌ: قَاضِيَانِ في النَّارِ، وقَاضٍ في الْجَنَّةِ، قَاضٍ قَضَى بِغَيْرِ الحقِّ وَهُوَ يَعْلَمُ، فَذَلِكَ في النَّارِ، وقَاضٍ قَضَى وَهُوَ لاَ يَعْلَمُ، فَأَهْلَكَ حُقُوقَ النَّاسِ، فَذَلِكَ في النَّارِ، وقَاضٍ قَضَى بِالحقِّ، فَذَلِكَ في الجنَّةِ»(٤).
(١) شرح التجريد ٦/ ٦٧، وأصول الأحكام، والاعتصام ٥/ ٢٥، وأبو داود رقم ٣٥٩٢، والبيهقي ١٠/ ١١٤، والمعجم الكبير ٢٠/ ١٧٠ رقم ٣٦٢، ونصب الراية ٤/ ٦٣، ومسند أبي داود الطيالسي ٠/ ٧٦ رقم ٥٥٩، ومسند أحمد رقم ٢٢٠٦٠، وسنن الدارمي رقم ١٦٨.
(٢) المسند ص ٢٩٣، وشرح التجريد ٦/ ٦٨، وأصول الأحكام.
(٣) التحرير ٢/ ٥٥٣.
(٤) الشفاء ٣/ ٢٨٣، والاعتصام ٥/ ٢٦، والترمذي رقم ١٣٢٢، وأبو داود رقم ٣٥٧٣، والبيهقي ١٠/ ١١٧، والمعجم الكبير ٢/ ٢٠ رقم ١١٥٤، والمستدرك رقم ٧٠١٢ بألفاظ مقاربة.