شرح نكت العبادات،

جعفر بن أحمد بن عبد السلام (المتوفى: 573 هـ)

باب آداب القاضي

صفحة 301 - الجزء 1

  مسألة: (ويجب أن يتحرَّز ويتثبَّتَ في الأمور؛ لئلا يقع منه غلط أو تقصير في الأحكام)؛ وذلك لأنه مأمور بالاحتياط في الحكم حتى يصل كل ذي حقٍّ إلى حَقَّهِ، ولا يتم ذلك إلا بالتثبتِ الذي يأمن معه من الغَلَطِ والتقصيرِ فيما لزمه. وَنَهْيُ النبيُّ ÷ عن القضاءِ مع الغَضَبِ، وعن الحكم قبل سماع كلامِ الخصم الثاني، يدل على ذلك.

  مسألة: (ولا يجوز له أن يَحْتَجِبَ عن الخصومِ إلا في الأوقات التي تمس الحاجة معها إلى الْحُجْبَةِ)؛ وذلك لأنه منتصب لفصل الخصوماتِ، وإنفاذ الأحكام، وإنصاف المظلوم، والحجبة تمنع من ذلك، فيكون تركاً للواجب، فلم تَجُزْ. قلنا: إلا في الأوقات التي تمس الحاجة إليها؛ وذلك مثل الأوقات التي يحتاج فيها إلى الطعام والنوم والاستراحة؛ لأن إجهاد نفسه يقطعه عن استيفاء النظر في حجج الخصوم. وقد روي عن النبي ÷ أنه قال: «لاَ يَقْضِي القَاضِي إِلاَّ وَهُوَ شَبْعَانُ رَيَّانُ»⁣(⁣١).

  مسألة: (ولا يقضي وهو غضبانُ، ولا مشغول القلب)؛ وذلك لأن كونه على هذه الأحوال يمنعه عن استيفاء النظر فيما يلزمه النظر فيه من أمور الأحكام، وقد قال ÷: لاَ يَقْضِي القَاضِي بَيْنَ اثْنَيْنِ وَهُوَ غَضْبَانُ»⁣(⁣٢).

  مسألة: (ولا ينقض حكماً ثبت باجتهاد منه أو من غيره، لأجل اجتهاد آخر تَقَوَّى عنده، وإنما ينقض ذلك إذا قام دليل قاطع على خلافه، من كتاب أو سنة أو إجماع)؛ أما ما ثَبَتَ من الأحكامِ باجتهادٍ، فإنه لا يجوز نقضُه


(١) شرح التجريد ٦/ ٧٢، والشفاء ٣/ ٢٩١، وأصول الأحكام، والاعتصام ٥/ ٧٣، والبيهقي ١٠/ ١٠٥، والدار قطني ٤/ ٢٠٦، وتلخيص الحبير ٤/ ١٨٩ رقم ٢٠٩٠.

(٢) شرح التجريد ٦/ ٦٦، وأبو داود رقم ٣٥٨٩، ومسند أحمد رقم ٢٠٤٠١.