شرح نكت العبادات،

جعفر بن أحمد بن عبد السلام (المتوفى: 573 هـ)

باب التفليس والحجر

صفحة 305 - الجزء 1

  الثمن عليه وعلى ما بقي، كالأشجار إذا ذهبت من الأرض، والثمار التي كانت موجودة حال العقد. ووجه ذلك أن الثمنَ عِوَضٌ عن جميعِ المبيع، فإذا ذهب بعضُ المبيعِ وبقي بعضُه كان أحقَّ بما بقي، واستحَق قِسْطَ التالف من الثمن. كما لو اشترى أرضاً ذاتَ أشجار، فأتلف البائِعُ بعضَ أشجارها قبل التسليم، فإنه يسقُطُ من الثمن بقدر ذلك. فأما إذا كان النقصان مما لا يمكن إفراده بالعقد، ولا تقسيط الثمن عليه، كالعَوَرِ في الجارية والضُعْفِ والزَّمَانَةِ⁣(⁣١)، وانكسار الشجرة، وما جرى هذا المجرى، فإن البائعَ بالخيارِ بين أن يأخذ المبيع بنقصانه ولا شيء له على المشتري ولا على الغرماء، وبين أن يتركه ويكون أسوة الغرماء، وذلك أنه إذا لم يمكن تقسيط الثمن عليه، ولا إفرادُه بالعقد، جرى مجرى العيب في السلعة. ولا إشكال في أن المشتري ليس له إلا أخذُ المعيب بنقصانه، أو ردُّه وليس له أخذُه والمطالبةُ بأرش النقصان. والفرق بين هذا وبين الأول أن الأول: ذَهَبَ بِهِ بعضُ عين المبيع، فلزم الرجوع بقسطه من الثمن، والثاني: لم يذهب من المبيع بعضُه، وإنما تغيرت صفة العين وهي قائمةٌ، فلم يكنْ له قِسْطٌ من الثمن فيرجع به.

  مسألة: (وإن كان المشتري قد وفَّى بعض الثمن، كان البائعُ شريكاً للغرماء في السلعة، ويأخذُ منها بمقدار ما بقي له من ثمنها، وكذلك المرتهنُ يكون أولى بالرهن من سائر الغرماء. والعبدُ إذا جَنَى جنايةً ثم أفلس مولاه كان المجني عليه أولى به من سائر الغرماء)؛ وذلك لدلالة الخبرالمتقدم، فإنه ÷ جَعَلَ البائعَ أحقَّ بالسلعة، ومعلومٌ أنه إنما جعلَه كذلك؛ لبقاء الثمن


(١) الزمانة: الحب والعاهة. القاموس ص ١٥٥٣.