شرح نكت العبادات،

جعفر بن أحمد بن عبد السلام (المتوفى: 573 هـ)

باب الجنايات

صفحة 309 - الجزء 1

  بِوَلَدِهِ»⁣(⁣١). وأما الحر فإنما لم يقتل بالعبد؛ لقوله تعالى: {عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ}⁣[البقرة: ١٧٨]، وقَتْلُ الحرِّبالعبد، يخالف ظاهرَهذا النص، ولو جاز قتله به لم يكن لتمييز أحد الجنسين من الآخر وجه؛ ولأنه لا مماثلة بين الحر والعبد، ولا شك أن القصاص يجب بشرط المماثلة. وأما أن المسلم لا يقتل بكافرٍ؛ فلما روي عن النبي ÷ أنه قال: «لاَ يُقْتَلُ مُؤْمِنٌ بِكَافِرٍ»⁣(⁣٢). وهذا نصٌ صريحٌ يوجب المنعَ من ذلك.

  مسألة: (ويُقْتَلُ الجماعةُ بواحد، والواحد بجماعة)⁣(⁣٣). أما قتل الجماعة بواحد متى قتلوه عمداً؛ فلما روي عن النبي ÷ أنه قال: «مَنْ قُتِلَ لَهُ قَتِيْلٌ فَأَهْلُهُ بَيْنَ خِيْرَتَيْنِ: إِنْ أَحَبُّوا قَتَلُوا، وَإِنْ أَحَبُّوا أَخَذُوا الدِّيَةَ»⁣(⁣٤). ولم يفصل بين أن يكون القاتلُ واحداً أو جماعةً. وروي عن عمر أنه قال في ذلك: لو تمالى عليه أهلُ صنعاءَ لقَتَلْتُهُم بِهِ⁣(⁣٥). وعن أمير المؤمنين # نحو من ذلك⁣(⁣٦). وأمَّا قَتْلُ الواحد بالجماعة؛ فلأن الخبَرَ المتقدم لم يفصل فيه النبي ÷ بين أن يكون القاتلُ قَتَلَ واحداً أو جماعةً، فوجب عليه القَوَدُ لهم جميعاً؛ ولأنه لما


(١) شرح التجريد ٥/ ١٧٦، والاعتصام ٥/ ١٧٦، والشفاء ٣/ ٣٧٧، وأصول الأحكام، والبيهقي ٨/ ٣٩، ٣٨ و مسند أحمد رقم ٣٤٦، وابن ماجه ٢/ ٨٨٨.

(٢) شرح التجريد ٥/ ٢١٣، والشفاء ٣/ ٣٧٦، وأصول الأحكام، والاعتصام ٥/ ١٦٧، وأبو داود رقم ٤٥٠٦، وابن ماجه رقم ٢٦٦٠، والبيهقي ٨/ ٢٩، والمعجم الكبير ٢٠/ ٢٠٦ رقم ٤٧١.

(٣) قال أبو حنيفة والشافعي وكثير من العلماء: إن ولي الدم يقتل واحداً يختاره ويأخذ من الباقين للمقتص منه قسطهم من الدية، وقال مالك: لا يقتلون.

(٤) شرح التجريد ٥/ ١١٨، والشفاء ٣/ ٣٧١، وأصول الأحكام، والاعتصام ٥/ ١٦٤، والبيهقي ٨/ ٥٢، والدار قطني ٣/ ٩٥ بلفظه، والترمذي رقم ١٣٨٧، وأبو داود رقم ٤٥٠٦، وابن ماجه رقم ٢٦٢٦ بألفاظ مقاربة.

(٥) شرح التجريد ٥/ ٢١٧، والشفاء ٣/ ٣٧٢، وأصول الأحكام، والاعتصام ٥/ ١٧٠، والبخاري ٦/ ٢٥٢٧، والبيهقي ٨/ ٤١، والدار قطني ٣/ ٢٠٢، ونصب الراية ٤/ ٣٥٣، وموطأ الإمام مالك ٢/ ٨٧١ رقم ١٥٦١.

(٦) شرح التجريد ٥/ ٢١٧، والاعتصام ٥/ ١٦٩، وأصول الأحكام، والبيهقي ٨/ ٤١.