شرح نكت العبادات،

جعفر بن أحمد بن عبد السلام (المتوفى: 573 هـ)

باب العفو

صفحة 315 - الجزء 1

  بالجناية؛ فتكون الحكومةُ من دية ذلك العضو بقدر ما نقص منها من منافعه، فإن كان قد نقص من منافعه النصف، كانت الحكومة مقدار نصفِ دية ذلك العضو. والثاني: أن يُقَدَّر أن ذلك المجني عليه لو كان عبداً كم كانت الجناية تنقص من قيمته، ثم يحسب ذلك من ديته فيُحْكَمُ به. وقد قيل: إن الاعتبارَ في ذلك، هو أن يُنْظَرَ في أقرب الشجاج التي لها أرش مقدر إلى هذه الجناية، فيعرف كم مقدارها منها في السَّعَةِ والضيق، فَيُحْكَمُ مِنَ الأرش بمقدار ذلك من أرش الجراحة المقدرة. وهذا ليس ببعيدٍ أيضاً، والأمر فيه موكولٌ إلى اجتهاد الحاكِمِ.

  مسألة: (وكذلك في الشَّعَرِ حكومَةٌ⁣(⁣١) على ما يراه الحاكم)؛ وذلك لأن في الشَّعَر من الْجَمَالِ ما يجبُ بقواته الحكومة، كما وجبت الحكومة في قلع العين القائمة التي لا يُبْصَرُ بها؛ لما فات بذلك من الْجَمَالِ، كذلك هذا. وعن الهادي #: «أَنَّ شَعَرَ اللحية والرأس إذا لم يُجْرَحا بسبب الجناية، ففيهما حكومة غليظةٌ تقارِبُ الديةَ»⁣(⁣٢). وفي شَعَرِ أشفار العينين وشعر الحاجبين حكومةٌ دون نصف الدية؛ وذلك لأن الشَّيْنَ بذهاب ذلك أقلُّ من الشَّيْن بذهاب شعر الرأس واللحية.

بابُ العفو

  مسألة: (للمجروحِ ولورثتِهِ من بعده العفوُ عن الجاني، فإن وقع العفو منهم عن الدم دون الدية فلهم أخذُ الدية، وإن عَفَوا عنهما جميعاً سقطا معاً)؛ وذلك لأن الحق للمجروح، فله إسقاطه كما أن له أن يستوفيَه، فلذلك صح


(١) قالت الحنفية: إذا لم يرجع الشعر وجبت فيه الدية كاملة.

(٢) الأحكام ٢/ ٢٩٢.