شرح نكت العبادات،

جعفر بن أحمد بن عبد السلام (المتوفى: 573 هـ)

باب الولاء

صفحة 354 - الجزء 1

  لهم من الاختصاص بِمَا كان يستحقه ما يقتضي أنهم أولي من بيت المال، عند عدم الورثة. وتقاس ابنة المولى على ابنة الأخ وابنة العم؛ بعلَّة أن في منزلتها من الذكور من يحوز المال كلَّه بالتعصيب، فوجب أن ترث هي في ذوي الأرحام.

  مسألة: (وليس للإناث من الولاء شيءٌ مع الذكور، إلا من أَعْتَقْنَهُ، أو أعتقه من أَعْتَقْنَه، أو جر ولاء من أعتقنه)؛ وذلك لأنَّ النساءَ لا يَكنَّ عصبة إلا إذا عَصَّبَهُنَّ من يكون في منزلتهن من الذكور، كالبنات مع البنين والأخوات مع الإِخوة. وإنما عصبوهنَّ لقوة حالهم في التعصيب، وليست هذه القوة للأعمام ولهذا لا ترث العمة مع العم، فوجب أن لا تكون هذه القوة لعصبة المولى؛ لأنهم أضعف العصبات. ولهذا لا يرثون مع أحد من عصبات العتيق، فلذلك لا تدخل النساء من ورثة المولى مع الرجال في الميراث، ولا خلاف في ذلك. قلنا: إلا من أَعْتَقْنَه أو أعتقه من أعتقنه؛ وذلك لقوله ÷: «الوَلاَءُ لِمَنْ أَعْتَقَ». ولخبر ابنة حمزة، وقد تقدم. وحكم العتيق الثاني حكم الأول، فيستحق مولى الأول ما كان يستحقه عتيقه. وأما جر الولاء فمعناه أن يعتق رجلٌ أَمَةً له، ثم يتزوجَها عبدٌ لرجل، فَيُولِدَ منها أولاداً، ثم يموتُ أحدُ الأولاد، فإنَّ ولاءَه يكونُ لمعتقِ أُمِّه، فإن أُعْتِقَ أبوه صار ولاؤُه لِمُعْتِقِ أبيه، وهذا هو جر الولاء، وكل ذلك يدخل تحت قوله ÷: «الوَلاَءُ لِمَنْ أَعْتَقَ». فلما كان الأبُ مملوكاً، كان الولاءُ لمن أعتق الأم، ثم لَمَّا أُعْتِقَ الأبُ كان حالُ مولاه أقوى من حال مولى الأم، فكان أولى بالولاء.