باب الجهاد
باب الجهاد
  مسألة: (الجهادُ ضربان: جهادُ الكفارِ، وجهادُ البغاةِ. فجهاد الكفار ضربان: أحدهما: يجب على كافة المسلمين، سواء كان في الزمان إمام أم لا، وهو أن يَقْصِدَ الكفَّارُ دارَالإسلام لقتال المسلمين، فإنه يجب على الكافة دفعهم عن دار الإسلام). وذلك مما لا خلاف فيه بين المسلمين. وهو من الواجبات على الكفاية؛ لأن المقصود هو دفع الكفار، فإذا حصل ذلك بقتال البعض سقط عن الباقين، كسائر الواجبات على الكفاية.
  مسألة: (والثاني: لا يجب إلا مع الإمام أو من يلي من قبله، وهو غزو الكفار إلى ديارهم)؛ وذلك لقول الله تعالى: {قُلْ لِلْمُخَلَّفِينَ مِنَ الْأَعْرَابِ سَتُدْعَوْنَ إِلَى قَوْمٍ أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ تُقَاتِلُونَهُمْ أَوْ يُسْلِمُونَ فَإِنْ تُطِيعُوا يُؤْتِكُمُ اللَّهُ أَجْرًا حَسَنًا وَإِنْ تَتَوَلَّوْا كَمَا تَوَلَّيْتُمْ مِنْ قَبْلُ يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا ١٦}[الفتح: ١٦]. فأجمعوا على أن الدَّاعيَ هو النبيُّ ÷ والإمام من بعده؛ وذلك يقتضي وجوبَ الإجابة لَمَّا أَلْحَقَ الوعيد بتاركها؛ ولما ثبت أن رسولَ الله ÷ لم يأمر جيشاً ولا سرية لقتال الكفار إلا وأمَّرَعليهم أميرا(١)، فدل على أن غزوهم إلى ديارهم لا يكون إلا بالإِمام أو من يلي من قِبَلِهِ.
  مسألة: (وينبغي للإمامِ إذا أراد محاربةَ الكفار في دار الحرب، أن يقدم الدعوة لهم إلى الإسلام، فإن أجابوا إلى ما يدعوهم إليه من الإسلام كانوا مسلمين، وإن أَبَوْ عَرَضَ عليهم أن يكونوا أَهْلَ ذمة، فإن أجابوا إلى ذلك تُرِكُوا وما هم عليه، وضربت عليهم الجزية، وجرت عليهم أحكام الإسلام.
(١) أصول الأحكام، ومسند الشافعي ص ١٦٩، والبيهقي ٩/ ٤١ بمعناه.