شرح نكت العبادات،

جعفر بن أحمد بن عبد السلام (المتوفى: 573 هـ)

باب أموال الكفار التي تؤخذ منهم

صفحة 362 - الجزء 1

  أن يكون مُؤَبَّداً)؛ وذلك لقوله تعالى: {وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ}⁣[التوبة: ٦]؛ ولما روي عن أمير المؤمنين # عن النبي ÷ أنه قال: «وأيُّمَا رَجُلٍ مِنْ أَقْصَاكُمْ أَوْ أَدْنَاكُمْ، أَوْ أَحْرَارِكُمْ أَوْ عَبِيْدِكُم، أَعْطَى رَجُلاً مِنْهُمْ أَمَانًا، أَوْ أَشَارَ إِلَيْهِ بِيَدِهِ فَأَقْبَلَ إِلَيْهِ بإشَارَتِهِ، فَلَهُ الأَمَانُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلاَمَ اللهِ، فَإِنْ قَبِل فَأَخُوْكُمْ في الدِّيْنِ، وَإِن أَبَي فَرُدُّوْهُ إِلى مَأمَنِهِ، وَاسْتَعِيْنُوا بِالله»⁣(⁣١). قلنا: ويجب أن يكون الأمانُ إلى مدة مضروبة ولا يجوز أن يكون مؤبداً، ولا يظهر فيه خلاف بين العلماء؛ وذلك القوله تعالى: {فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ}⁣[التوبة: ٦]، فشرع سبحانه وتعالى الأمَانَ مؤقتاً بغاية. وقولِهِ تعالى: {فَأَتِمُّوا إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلَى مُدَّتِهِمْ}⁣[التوبة: ٤]. وعن النبي ÷ أنه أمَّنَ أهلَ مكة مدة⁣(⁣٢)، وأكثر مُدة الأمان سنة. وينبغي أن يعرفه الإمام إن أقام بعد السنة ضَرَبَ عليه الجزية وكان ذميًّا وقدرت المدة بالسنة؛ لأنها مقدرة لأخذ الجزية وغيرها من الحقوق؛ ولأنها كافية لقضاء الحوائج والبحث عن أمور الدين والدنيا.

باب أموال الكفار التي تؤخذ منهم

  مسألة: (وما يؤخذ من الكفار ثلاثة أقسام، أحدها: الغنيمة: وهي ما يأخذه المجاهدون لهم بالسيف، ففيه الخمس، وتقسم أربعة أخماسه علي الغانمين، للراجل سهم وللفارس سهمان⁣(⁣٣)). ولا خلاف في أن أموال أهل الحرب مغنومةٌ كلَّهَا، إذا ظَفِرَ بهم الإمام، وبذلك سار النبي ÷ في أهل


(١) شرح التجريد ٦/ ٢٧٧، والشفاء ٣/ ٥٥٧، وأصول الأحكام.

(٢) شرح التجريد ٦/ ٢٧٥، وأصول الأحكام.

(٣) قال الشافعي ومالك: للفارس ثلاثة أسهم.