باب أموال الكفار التي تؤخذ منهم
  الطائف وخيبر وغيرهما من المواضع، وبذلك جرت أعمال المسلمين بعده. قال الله سبحانه: {وَأَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ وَدِيَارَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ}[الأحزاب: ٢٧]. وإنما قلنا: فيها الخمس؛ لقول الله تعالى: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ}[الأنفال: ٤١]، فظاهر الآية يقتضي قسمةَ الخمس إلى ستة أقسام: أحدها: لله سبحانه، ويجب صرفه إلى مصالح المسلمين؛ لأن الذي لله هو ما يصرف في الأمور المقربة إلى الله تعالى، إذ لا يصح عليه سبحانه الانتفاع بشيء. والثاني: للرسول ÷ ثم هو بعده لإمام المسلمين لقيامه مقامه؛ لما روي عن فاطمة & أنها بعثت إلى أبي بكر فقالت: مالك يا خليفة رسول الله، أنت ورثت رسولَ الله ÷ أم أهلُه؟ فقال: بل أهله، قالت: فما بال سهم رسول الله ÷ قال: إني سمعت رسول الله ÷ يقول: «إِنَّ اللهَ إِذَا أَطْعَمَ رَسُوْلَه طَعْمَةً ثُم قَبِضَهُ جَعَلَهَا لِلَّذِي يَقُوْمُ مَقَامَهُ». فرأيت أن أرده على المسلمين. فقالت: أنت وما سمعت عن رسول الله ÷ أعلم(١). والثالث: لذوي القربي: وهم أقارب النبي ÷ وهم بنو هاشم؛ لما روي عن النبي ÷ أنه قسم سهم ذوي القربي فأعطي بني هاشم، وأعطي منه بني عبدالمطلب، وهو أخو هاشم؛ لأجل نصرتهم له، لا لأجل نسبهم(٢). وعن أمير المؤمنين # أنه قال: «إن الله حرَّم الصَّدَقَةَ عَلَى رسول الله ÷، فعوضه الله سهماً من الخمس،
(١) شرح التجريد ٢/ ٥٧ بلفظ مقارب، والشفاء ٣/ ٦١٠، وأصول الأحكام، وفتح الباري رقم ٢٩٢٦، ومسند أبي يعلى رقم ٣٧ ورقم ٦٧٥٢، ومسند أحمد رقم ١٤، والبيهقي ٦/ ٣٠٣.
(٢) شرح التجريد ٢/ ١٠١، والأحكام ٢/ ٤٨٧، وشرح معاني الآثار ٣/ ٢٣٥.