باب فروض الوضوء
كتاب الطهارة
باب فروض الوضوء
  مسألة: (فروض الوضوء ثمانية(١): أولها: النية)، والدليل على وجوبها قول الله تعالى: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ}[البينة: ٥] فأخبرسبحانه أنه ما أَمَرَ بالعبادة إلا على وجه الإخلاص؛ وإخلاص العبادة هو النية؛ بدليل أنه لا يجوز إثباتُها بأحد اللفظين ونفيُها بالآخَر؛ فلا يجوز أن يقال: أخلصتُ هذا الفعلَ لله وحده ومانويتُ به عبادتَه، ولا أن يقولَ: نويتُ به عبادةَ الله وحده وما أخلصتُ له؛ فثبت أن معناهما واحد. ويدل على وجوبها أيضًا ما روي عن النبي ÷ أنه قال: «الأعمَالُ بِالنِيَّاتِ، وَإِنّمَا لِكُلِّ امْرِاءٍ مَا نَوَى»(٢)، فنصَّ # على أن الأعمال بالنيات، ومعلوم أنه لم يرد وجود الأعمال إلا بالنيات؛ لأنا نعلم أن الأعمال قد توجد بدون النية، وإنما أراد أحكام العمل، ومن جملة أحكام العمل الإجزاء والصحة؛ فاقتضى بذلك أن صحة العمل موقوفةٌ على النية. وعنه ÷ أنه قال: «لاَ قَوْلَ إلاَّ بِعَمَل، وَلاَ قَوْلَ وَلاَعَمَلَ إلاَّ بِنِيَّةٍ، وَلاَ قَوْلَ وَلاَعَمَلَ وَلاَ نِيَّةَ إِلاَّ بِإِصَابَةِ السُّنَّةِ»(٣). والنية: هي الإرادةُ بالقلب؛ بدليلِ أنه لا يجوز إثباتها بأحد
(١) وعند الشافعية ستة: أخرجتْ الاستنجاء، والتسمية، وعند الأحناف أربعة: أخرجتْ النية والاستنجاء، والتسمية، والترتيب، وجعلت ما استثنته من السنن إلا الاستنجاء فليس بشيء.
(٢) شرح التجريد ١/ ٣٨، والشفاء ١/ ٤٦، وأصول الأحكام خ، والبخاري رقم ١، ومسلم رقم ١٩٠٧، وأبو داود رقم ٢٢٠١، والترمذي رقم ١٦٤٧، وابن ماجه رقم ٤٢٢٧، والبيهقي ٢/ ١٤.
(٣) أمالي أبي طالب ص ١٦٨، وشرح التجريد ١/ ٣٨، والشفاء ١/ ٤٦، والاعتصام ١/ ١٧٠، وأصول الأحكام، ومسند الفردوس رقم ٧٩٠٨.