شرح نكت العبادات،

جعفر بن أحمد بن عبد السلام (المتوفى: 573 هـ)

باب فروض الوضوء

صفحة 16 - الجزء 1

  اللفظين ونفيها بالآخر؛ فلا يجوز أن تقول: أردتُ هذا الفعلَ بقلبي وما نويتُه، ولا أن تقول: نويتُه وما أردتُه بقلبي؛ فهما لفظان معناهما واحد كالجلوس والقعود. وموضع وجوبها في ابتداء الوضوء؛ لئلا يخلوَ منه شيء عنها.

  مسألة: (والثاني: الاستنجاء): وهوغَسْلُ الفرجين من النجاسة. والدليل على وجوبه ما روي أن امرأة سألت النبي ÷ هل يُجْزِي امرأةً أن تَسْتَنْجِيَ بغير الماء؟ قال: «لا؛ إلاَّ أَنْ لاَ تَجِدَ الماءَ»⁣(⁣١) فإذا ثبت وجوبه على النساء وجب على الرجال أيضًا؛ لأن أحداً لم يفصل بين الرجال والنساء في ذلك؛ ولقوله ÷: «النِّسَاءُ شَقَائِقُ الرِّجَالِ»⁣(⁣٢)؛ وذلك يقتضي اشتراك الجميع في كل حكم إلا ما خصه الدليل؛ فثبت بذلك وجوبه. وروي عن عائشةَ أنها قالت لنسوة: «مُرْنَ أَزْوِاجَكُنَّ أَنْ يَغْسِلُوا أَثَرَالغَائطِ والْبَوْلِ؛ فإِنَّ رَسُولَ الله ÷ كَانَ يَفْعَلُهُ، وأنا أَسْتَحْيِيْهِمْ»⁣(⁣٣). وأما كونه من أعضاء الوضوء ففيه خلاف، والأحوط فعله عند كل وضوء يجب؛ للخروج من موضع الخلاف.

  مسألة: (والثالث: غسل الوجه، ومن جملته المضمضة والاستنشاق)⁣(⁣٤)، والدليل على وجوبه قول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى


(١) المسند ص ٧٢، والأمالي ١/ ٤٦، وشرح التجريد ١/ ٣٣، وأصول الأحكام، والاعتصام ١/ ١٩٩.

(٢) الشفاء ١/ ٣٥، والاعتصام ١/ ٢٥١، والترمذي رقم ١١٣، وأبو داوود رقم ٢٣٦، والبيهقي ١/ ١٦٨، ومسند أحمد رقم ٢٦٢٣٨.

(٣) شرح التجريد ١/ ٣٤، وأصول الأحكام، والاعتصام ١/ ٢٠٠، والترمذي رقم ١٩ بلفظ: «مرن ازواجكن أن يستطيبوا بالماء فإني أستحييهم، فإن رسول الله ÷ كان يفعله»، والنسائي بنفس اللفظ رقم ٤٦، ومسند أبي يعلى رقم ٤٥١٤، وابن حبان رقم ١٤٤٣، والمصنف لابن أبي شيبة ١/ ١٤٢، والبيهقي ١/ ١٠٦، ومسندإسحاق بن راهويه ٣/ ١٣٧٩، ومسند أحمد رقم ٢٦٠٥٣.

(٤) وعند الشافعية والحنفية أن المضمضة والاستنشاق من السنن.