شرح نكت العبادات،

جعفر بن أحمد بن عبد السلام (المتوفى: 573 هـ)

باب شروط الصلاة

صفحة 54 - الجزء 1

  وسترالعورة في الصلاة فرضٌ؛ لقوله تعالى: {خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ}⁣[الأعراف: ٣١] ولما روي عن النبي ÷ أنه قال: «إِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ فَلْيَسْتَتِرْ بِثَوبٍ»⁣(⁣١). وعنه ÷: «لاَ يُصَلِّ أَحَدُكُمْ فِي ثَوبٍ وَاحِدٍ لَيْسَ عَلَى فَرْجِهِ مِنْهُ شَيءٌ»⁣(⁣٢). فإذا لَبِس المغصوبَ فقد أدّى الفرضَ بما هو معصيةٌ وذلك لا يجوز، كما لا يجوز إسقاطُ هذا الفرض بلبس الثوب النجس.

  مسألة: (والثالث: طهارة المكان، وأن يكون مباحاً للمصلي دخولهُ).

  أما طهارة المكان؛ فلقوله تعالى: {وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ}⁣[البقرة: ١٢٥] ولما روي عن أمير المؤمنين # أنه قال: «أَمَرَرسول الله ÷ ببناء المساجد وأن تُطَيَّبَ وتُطَهَّر وتُنَظَّفَ»⁣(⁣٣). وليس ذلك إلا لأنها مواضع الصلاة، بل هي أفضل ما يعمل فيها؛ فثبت بذلك تطهير أماكن المصلِّي.

  وإنما قلنا: يكون مباحاً للمصلي دخولُه؛ لأن الصلاة في الدارالمغصوبة لا تجوز؛ لأنَّ الكَوْنَ في الدار المغصوبة معصيةٌ قبيحة، والقيام والقعود والركوع والسجود من جملة الأكوان التي يجب أن تكون طاعة حسنة؛ ومحالٌ اجتماعُ ذلك في الصلاة الواحدة؛ لأن ذلك يوجب أن يكونَ الفعلُ الواحد طاعةً ومعصيةً وذلك محال.


(١) شرح التجريد ١/ ١٣٨، والشفاء ١/ ٢٤٠، وأصول الأحكام.

(٢) شرح التجريد ١/ ١٣٨، والشفاء ١/ ٢٤٠، والاعتصام ١/ ٣٤٨، وأصول الأحكام، ومسلم رقم ٥١٦، ومسند ابن أبي عوانة برقم ١٤٥٦ - ١٤٥٨ بلفظ: «لا يصل أحدكم في الثوب الواحد ليس على عاتقه منه شيء».

(٣) المسند ص ١٥٤، والاعتصام ٢/ ١١٧، والترمذي رقم ٥٩٤، وأبو داود رقمه ٤٥٥، وابن حبان رقم ١٦٣٤.