شرح نكت العبادات،

جعفر بن أحمد بن عبد السلام (المتوفى: 573 هـ)

باب صلاة الجمعة

صفحة 68 - الجزء 1

  فيها ما روي عن النبي ÷ أنه قال: «وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى فَرَضَ عَلَيْكُمُ الْجُمُعَةَ فِي مَقَامِي هَذَا، فِي يَومِي هَذَا، فِي شَهْرِي هَذَا، فِي عَامِي هَذَا إِلى يَومِ القِيَامَةِ، فَمَنْ تَرَكَهَا فِي حَيَاتِي أَوْ بَعْدَ مَمَاتِي استِخْفَافاً بِهَا وبِحَقِّهَا أَوْ جُحُوداً لَهَا، وَلَهُ إِمَامٌ عَادِلٌ أَوْ جَائِزٌ، فَلاَ جَمَعَ اللهُ شَمْلَهُ، وَلاَ بَارَكَ لَهُ فِي أَمْرِهِ»⁣(⁣١). فلما ذَمَّ ÷ مَنْ تركها بشرط أن يكون له إمام - قلنا: إن الإمامَ شرطٌ في وجوبها، وقوله: ÷ أو جائرٌ، محمولٌ على مَنْ كان جائراً في باطن أمره وهو عادل في ظاهر الحال لم يسقط بذلك وجوبُ الجمعة. ويدل على صحة هذا التأويل أنه ÷ وصَفَ الجائرَ بأنه إمامُ المسلمين بقوله: «وَلَهُ إِمَامٌ عَادِلٌ أَوْ جَائِرٌ»، وذلك لا يستقيم إلا إذا كان جائراً في الباطن؛ لأن من يكونُ جَوْرُهُ ظاهراً لا يكونُ إماماً للمسلمين، وقد نهى رسول الله ÷ عن الصلاة خَلْفَهُ بقوله: «لاَ يَؤُمَّنَّ فَاجِرٌ مُؤْمِناً، وَلاَ يُصَلِّيَنَّ مُؤْمِنٌ خَلْفَ فَاجِرٍ»⁣(⁣٢)؛ فلم يصح وجوب إقامة الجمعة مع الإمام الجائر في ظاهر أمره، فثبت ما قلنا من التأويل. (فإذا تكاملت هذه الشروط صُلِّيَتِ الجُمُعَةُ ركعتين، ومتى فَاتَ شيء منها صُلِّيَتِ الظهرُ أربعاً).

  فصل: ومن أدرك من الخطبة مقدار آية من القرآن واستمع ذلك كان مدركاً للجمعة⁣(⁣٣)، ولا يظهر في ذلك خلاف، وإنما الخلافُ في من لم يدرك منها شيئاً وأدرك الصلاة، هل يكون مدركاً للجمعة أم لا؟ فعند الهادي #


(١) شرح التجريد ١/ ٢١٩، والشفاء ١/ ٣٨٨، والاعتصام ١/ ٤٩، وأصول الأحكام، والبيهقي ٣/ ١٧١.

(٢) الأمالي ١/ ٣٠٢، والشفاء ١/ ٣٨٩، وأصول الأحكام، وشرح التجريد ١/ ١٧٥، والاعتصام ٢/ ٢٥، وابن ماجه رقم ١٠٨١ بلفظ: «ولا يؤم فاجر مؤمنا»، ومثله البيهقي ٣/ ١٧١.

(٣) وقالت الشافعية والحنفية: إن الجمعة تصح من اللاحق، وإن لم يدرك شيئاً من الخطبة بشرط أن يدرك ركعة من الصلاة.