باب صلاة الجماعة
  الرجل خلف المرأة، وفيه نهي ظاهر عن الصلاة خلف الفاسق أيضاً، وهذا هو مذهب أئمتنا $، وأما الصبي فإنه غير مخاطبٍ بوجوب الصلاة فلا تصح خلفه كالمجنون.
  مسألة: (ولا يصلي الرجل بامرأةٍ(١)، ولا بخنثى لُبْسةٍ، إلا أن يكون معهما رجلٌ). وذلك لما روي عن النبي ÷ أنه قال: «لاَيَخْلُوَنَّ رَجُلٌ بِامْرَأَةٍ»(٢). فاقتضى ذلك أنَّ خلوة الرجل بالمرأة الأجنبية منهي عنه؛ فتكون صلاته بها معصية، وذلك يوجب فسادها؛ لأنَّ من حق الصلاة أن تكون طاعةً وقربةً، وإذا فسدت صلاته بالأجنبية فسدت صلاته بذات المحرم؛ لأن أحداً لم يفصل بينهما، وذلك يوجب فساد صلاة الرجل والمرأة جميعاً لأجل المعصية، وأما الخنثى اللبسة، فلأنه يمكن أن تكون امرأةً فلا تصح صلاتهما مع إمكان ذلك؛ لأن الواجب عليهما أن يأتيا بصلاةٍ صحيحةٍ غير محتملة للفساد والصحة على سواء. وأما إذا كان معه رجل فصلاةُ الجميع جائزة بالإجماع، ويجب أن يكون الرجل عن يمين الإمام، والمرأة خلفهما، فإن كان معهم خنثى لبسة قام خلف الرَّجُلَيْنِ، والمرأة خلف الخنثي؛ وذلك لما روي أن النبي ÷ صلَّى بأنسٍ وامرأة فقامت المرأة خلفهما(٣). وإنما وجب تأخر الخنثي عن الرجل؛ لإمكان أن تكون امرأةً، فلا يجوزأن تكون في صف الرجال؛ لما روي عن النبي ÷ أنه قال: «شَرُّ صفوفِ النِّسَاءِ الْمُقَدَّمُ»(٤).
(١) يجوز عند الشافعية والحنفية أن يصلي الرجل بالمرأة مطلقا.
(٢) في التجريد ١/ ١٧٧، والشفاء ١/ ٣٤٦.
(٣) الاعتصام ٢/ ٣٩، وأبو دواد رقم ٦٧٨، والترمذي رقم ٢٢٤، وابن ماجه رقم ١٠٠٠، والدارمي رقم ١٢٦٨، و مسند أحمد رقم ٧٣٥٦.
(٤) شرح التجريد ١/ ١٧٧، وأصول الأحكام، والشفاء ١/ ٣٤٤، والاعتصام ٢/ ٣٨، والترمذي رقم ٢٣٤.